بعد طرح البرهان رؤية لـ "إعادة صياغة السودان".. ما هو علم الاستقلال السوداني وما تاريخ رفعه لأول مرة؟

تقارير وحوارات

العلم السوداني -الفجر
العلم السوداني -الفجر

 


عاد علم الاستقلال السوداني إلى صدارة النقاش العام بعد تصريحات رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، الذي دعا إلى "إعادة صياغة السودان" والعودة إلى الرموز الوطنية المؤسسة للدولة، في ظل حالة الانقسام السياسي والحرب المستمرة. 

 

الدعوة أعادت للأذهان العلم الأول الذي رُفع عند إعلان استقلال السودان، وسط تساؤلات حول معانيه وتاريخه ورمزيته.

 

ما هو علم الاستقلال السوداني؟

يُعرف علم الاستقلال بأنه الراية الرسمية الأولى لجمهورية السودان بعد نهاية الحكم الثنائي البريطاني–المصري.
ويتكون العلم من ثلاثة ألوان أفقية:

الأزرق: يرمز إلى نهر النيل باعتباره محور الهوية الجغرافية للسودان.

الأصفر: يرمز إلى الصحراء والسافانا الكبرى وامتداد البلاد الإفريقي.

الأخضر: يرمز إلى الزراعة والخصوبة والانتماء الحضاري.


يمثل هذا التصميم هوية سودانية خالصة تجمع بين الإرث العربي والإفريقي، وتؤكد على ارتباط السودانيين بالنهر والأرض والبيئة الطبيعية، بعيدًا عن الأيديولوجيات التي ظهرت لاحقًا.

من صمم علم الاستقلال؟

جرى تصميم العلم عام 1955 على يد الفنانة السودانية السريرة مكي الصوفي، التي قدمت نموذجها الرسمي للبرلمان السوداني أثناء التحضير لحظة إعلان الاستقلال.
ويُعد هذا الحدث أحد أوائل الإسهامات النسائية المباشرة في صياغة الرموز الوطنية السودانية.

 

متى رُفع علم الاستقلال لأول مرة؟

رُفع العلم رسميًا لأول مرة في:
 الأول من يناير 1956
 سارية القصر الجمهوري – الخرطوم

وذلك خلال احتفال الاستقلال التاريخي، حيث رفعه:

إسماعيل الأزهري – أوّل رئيس وزراء للسودان

محمد أحمد المحجوب – من أبرز قادة الحركة الوطنية


وجاء رفع العلم تتويجًا لقرار البرلمان الصادر في 19 ديسمبر 1955 بإعلان الاستقلال من داخل البرلمان، في واحد من أهم القرارات السياسية في تاريخ السودان.

 

الخلفية التاريخية لقرار الاستقلال

سبق لحظة رفع العلم نضال سياسي طويل قادته:

مؤتمر الخريجين الذي لعب دورًا محوريًا في رفع الوعي الوطني

صراع سياسي بين:

تيار الوحدة مع مصر

وتيار الاستقلال الكامل

 

لكن مع اقتراب نهاية الخمسينيات، توحدت القوى السياسية حول هدف واحد: إنهاء الاستعمار وبناء دولة سودانية مستقلة ذات سيادة.

 

لماذا عاد الحديث عن علم الاستقلال الآن؟

طرح البرهان لفكرة "إعادة صياغة السودان" في لحظة تشهد فيها البلاد أسوأ أزمة سياسية وأمنية منذ الاستقلال أعاد الاعتبار للرموز الوطنية القديمة، ومن بينها علم الاستقلال، باعتباره رمزًا لمرحلة التأسيس التي سبقت الانقسامات الحزبية والانقلابات المتتالية.

ويرى محللون أن العودة لعلم الاستقلال أصبحت جزءًا من خطاب سياسي يسعى لإعادة تعريف الهوية الوطنية في ظل الحرب الدائرة، بينما يعتبر آخرون أن النقاش يحمل أبعادًا رمزية أكثر من كونه خطوة عملية.

رمزية العلم اليوم

يمثل علم الاستقلال – في نظر قطاع واسع من السودانيين – رمزًا لمرحلة:

وحدة الصف السياسي

وضوح المشروع الوطني

استقلال القرار السوداني

غياب الانقسامات العسكرية والحزبية التي ميّزت العقود اللاحقة


ولهذا أصبح العلم حاضرًا في نقاشات الهوية، وراية يتم الاحتفاء بها في المناسبات الشعبية، خصوصًا blandt الشباب، كرمز لـ "السودان الذي كان يجب أن يكون".


في النهاية سواء كانت دعوة البرهان خطوة رمزية أو سياسية، فإن إعادة فتح ملف علم الاستقلال السوداني أعادت النقاش حول معنى الدولة السودانية وهويتها ومسارها التاريخي.
وفي ظل استمرار الحرب وتعقّد المشهد السياسي، قد تتحول هذه الرموز – ومن بينها علم الاستقلال – إلى جزء من معركة أوسع حول ما هو السودان؟ وكيف يجب أن يكون؟