بين الإلهام والالتباس الدرامي.. صورة رجل الأعمال المصري على الشاشة

الدراما المصرية في تجسيد حياة رجال الأعمال.. هل ينجح كمال أبو رية في تجسيد شخصية الراحل "محمود العربي"؟

تقارير وحوارات

هل ينجح كمال أبو
هل ينجح كمال أبو رية في تجسيد شخصية الراحل "محمود العربي"؟

حياة رجال المال والأعمال مثيرة وملهمة، وفي الدراما المصرية يظهر بوضوح براعة الممثل المصري في الغوص داخل أعماق الشخصيات المركّبة - لا سيما على الشاشة الصغير التليفزيون الذي لم يعد مجرد صغيرًا بل يعملق الشخصية “يجعلها عملاقة” ويعطي لها منا لثقل وذك لتأ ثير هذه الوسيلة الإعلامية - وكشف ما وراء النجاح من صراعات إنسانية، وطموحات، وهزائم، ودراما حقيقية أغنى بكثير مما يبدو على السطح. وقد أثبتت التجارب السابقة أن هذه النوعية من الأعمال لا تقتصر على السرد البيوغرافي، بل تتحول إلى مساحة للتأويل، وإعادة قراءة نماذج اقتصادية صنعت أثرًا عميقًا في المجتمع. ومن هنا تأتي مسؤولية الدراما في تقديم صورة متماسكة وغير مبتورة، تجمع بين الصدق الفني والإنصاف التاريخي.

صحيح أنّه ربما لا يمكن اعتماد أو استساغة أي عمل درامي كاملًا كدليل تاريخي للنجاح أو الفشل، غير أنّ هناك نقاطًا محورية يجب التعامل معها، وأن يكون التركيز عليها محورًا لأي عمل قادم، خاصة حين يتعلق الأمر بشخصية لها حضور واقعي وثقيل مثل شخصية الراحل محمود العربي، حسب ما تناقلت تصريحات منسوبة للفنان كمال أبو  ريَّة، عبر وسائل الإعلام، في تجسيد قصّة حياته.

الحياد في تقديم النموذج الاقتصادي لـ “الريّان” 

لم أتعمد اختيار عمل له صبغة سياسية لأنني لا أحب ركوب الموجة، هكذا بدأ الفنان خالد صالح حواره في لقاء إعلامي مع إحدى الصحف، حول تجسيده شخصية الريان قدّم خالد صالح تجربة خاصة وفريدة في تجسيد شخصية أحمد الريان، حيث تعامل مع الدور باعتباره رحلة انفصال كامل عن شخصيته الحقيقية. أطلق لحيته، وأنقص وزنه، وغيّر ملامحه، واعتزل العالم الخارجي لفترة طويلة ليتوحد مع الشخصية. لم يكن الأداء مجرد تقمص، بل إعادة بناء كاملة لصورة رجل عاش صعودًا اقتصاديًا لافتًا ثم سقوطًا مدويًا. وبحسب تصريحاته، لم يكن خالد صالح يرى نفسه في أي لحظة أمام الكاميرا، بل كان يعيش كـ "الريان قلبًا وقالبًا"، متعمدًا إلغاء حضوره الذاتي كخالد والاكتفاء بحضور الشخصية وحدها.

خالد صالح: ليس من النبل الرد على دعاوى أسرة ''الريان''

شدد الفنان الراحل خالد صالح على أن تجسيده للريان لم يكن دفاعًا ولا إدانة، بل عرضًا حياديًا لتجربة إنسانية واقتصادية

شدد الفنان الراحل خالد صالح على أن تجسيده للريان لم يكن دفاعًا ولا إدانة، بل عرضًا حياديًا لتجربة إنسانية واقتصادية أثرت في المجتمع المصري. ركز على تقديم الريان كظاهرة اقتصادية صعدت بسبب ثقة الناس وتماسك الأسرة، أكثر من كونه رجلًا ينتمي لتيار ديني أو سياسي. رفض الحكم الأخلاقي أو تصنيف الشخصية مسبقًا، معتبرًا أن دور الفنان هو كشف دوافع وأبعاد الشخصية، وليس إصدار الأحكام. هذا الحياد جعل أداؤه قريبًا للمشاهد، ومكّن الجمهور من رؤية الريان كإنسان قبل أن يكون قضية.

مواجهة الهجوم والاتهامات

واجه العمل، حين ذاك، سيلًا من الاتهامات، بينها أنه يجمّل صورة جماعات دينية أو يقدم رواية سياسية. كما هاجم أحمد الريان نفسه المسلسل واتهمه بتشويه سيرته. إلا أن خالد صالح رد بأن كل ما قُدّم اعتمد على تسجيلات مطولة مع الريان نفسه وصلت لعشرين ساعة. وأوضح أن الحكم على العمل قبل اكتماله استعجال غير منصف، فالدور لم يكن لتبرئة ولا لإدانة، بل عرضًا لسيرة لها صعود وهبوط. وأكد أن تناقض الاتهامات—بين التجميل والتشويه—هو دليل على أن العمل كان حياديًا أكثر مما يظن البعض.

الجدل الواسع حول المسلسل كان مؤشرًا واضحًا على النجاح. روى أنه شعر بقوة تأثير الدور عندما بدأ الناس في التعامل معه في الشارع باعتباره "أحمد الريان" وليس "خالد صالح". هذا الاندماج بين الجمهور والشخصية عكَس قدرة العمل على الدخول إلى وجدان البسطاء، وهو برأيه المعيار الحقيقي لنجاح أي تجربة فنية. وقد اعتبر صالح أن الريان نفسه شخصية ذات جاذبية استثنائية، وهي السمات التي سعى لنقلها إلى الشاشة، مما جعل أداءه أحد أهم محطات الدراما الاجتماعية الاقتصادية في العقد الأخير.

نور الشريف يستأنف تصوير "الدالى3" بعد التوقف - اليوم السابع

مسلسل الدالي أثار جدلًا واسعًا منذ بدايته، بسبب التشابه بين شخصية سعد الدالي ورجل الأعمال ووزير الإسكان الأسبق عثمان أحمد عثمان.

الدالي.. الاقتباس من الواقع والتباين مع الحقيقة

مسلسل الدالي أثار جدلًا واسعًا منذ بدايته، بسبب التشابه بين شخصية سعد الدالي ورجل الأعمال ووزير الإسكان الأسبق عثمان أحمد عثمان. اعترف مؤلف المسلسل، وليد يوسف، بأنه اقتبس بعض الأحداث من كتاب عثمان أحمد عثمان «تجربتي»، مثل شهادة الفقر ومشاركته في مناقصات السد العالي. ومع ذلك، أصرّ يوسف على أن الشخصية ليست تمثيلًا مباشرًا لعثمان، وأن المسلسل يقدم شخصية درامية مستقلة، مع إدخال تعديلات وإسقاطات تضيف أبعادًا للدراما، بما يجعل الدور مستوحى من الواقع دون أن يكون نسخة مطابقة.

أبدت أسرة عثمان أحمد عثمان، ممثلة في إسماعيل عثمان ابن شقيقه، استياءها من إسقاطات المسلسل الذي قام ببطولته الراحل "نور الشريف"، على حياة كبيرها. أكد أن حياته الحقيقية كانت أبسط بكثير، وأنه لم يمتلك يختًا أو قصورًا كما ظهر في العمل، وأنه لم يكن لديه أعداء أو مواقف عنيفة. ورغم هذا، فضلوا عدم رفع دعاوى قضائية في البداية، مؤكدين حرصهم على عدم تضخيم الموضوع، ولكنهم أشاروا إلى أنهم سيراقبون أي إسقاطات مستقبلية قد تسيء أكثر للشخصية الحقيقية.

اقرأ أيضًا.. كيف يقدم خالد النبوي شخصية "الإمام الشافعي"؟

اقرأ أيضًا.. هل يمكن أن تكون الشخصيات الواقعية بوابة مايان السيد إلى النجومية؟

من جانبه، شدد المؤلف – حينئذ -على أن التاريخ نفسه متضارب، وأن المسلسل يعتمد على قراءة شخصية درامية متعددة الأبعاد من مصادر مختلفة، مع الحرص على عدم التشويه المباشر لأي شخصية حقيقية. وأوضح أنه مستعد لكتابة سيرة عثمان أحمد عثمان الكاملة، إن وافقت الأسرة، وسيجسدها نور الشريف، ليميز الجمهور بين العمل المستوحى من الواقع وبين السيرة الحقيقية للراحل، مؤكدًا أن عثمان أحمد عثمان يعد أحد رواد التطور الاقتصادي في مصر وأن القصة الحقيقية ستُبرز هذا الدور بطريقة عادلة ودقيقة.

كمال أبو رية - ﺗﻤﺜﻴﻞ - معرض الصور

كمال أبو رية في تقديم شخصية قاسم أمين

جدير بالذكر أنّ كمال أبو ريَّة، له تجربة  سابقة نجحت في تجسيد حياة الراحل "قاسم أمين"، وكان للمسلسل صدى واسع، وإن واجه انتقادات، لكنَّه كان مائلًا بشكل كبير إلى عرض سما الشخصية المحورية، ما يستدعي أن للمخرج والمؤلف والسيناريست وطاقم العمل، رؤية تستند إلى مراجع تاريخية ورؤىً سياسية واقتصادية تعطي للعمل الفني قيمته وثقل هادف ومؤثِّر في حياة النشء الجديد والشباب.