باحث في الشأن الإفريقي لـ"الفجر": إعلان الدعم السريع عن هدنة يهدف لتحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجة والسياسية
أعلنت قوات الدعم السريع السودانية الاثنين هدنة إنسانية من طرف واحد تستمر ثلاثة أشهر، غداة إعلان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان رفضه مقترحًا دوليًا بالهدنة قدّمته الرباعية الدولية.
وعلق الدكتور رمضان قرني، الباحث المتخصص فى الشؤون الإفريقية، أن إعلان الدعم السريع عن هدنة لمدة 3 أشهر يهدف إلى تحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجة والسياسية خصوصًا أن هذا الاعلان يأتي عقب تطورات مهمة على الصعيد السياسي فى السودان.
وأضاف قرني، في تصريحات خاصة لبوابة "الفجر"، أن التطور الأول يأتي عقب إعلان الرئيس الأمريكي ترامب عقب لقائه بولي العهد السعودي حول الانخراط فى الملف السودانى لوقف الحرب، أما التطور الثاني فيتعلق برفض الجيش السودانى ورده على لسان الفريق البرهان على الهدنة المقترحة من قبل الرباعية الدولية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بل والأشد هو مهاجمته المبعوث الامريكي لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا ووصفه بأنه كاذب بالتالي تأتى هذه الهدنة فى توقيت إن جاز التعبير محوري ومفصلي في تاريخ وتطورات الصراع فى السودان.
مغازلة صريحة
وأضاف الباحث فى الشأن الإفريقي، أن الدعم السريع يريد من خلال الهدنة من طرف واحد تحقيق جملة من الأهداف الإستراتيجية مع أطراف الداخل السودانى، والأطراف الإقليمية والدولية، بداية فيما يتعلق بالداخل السوداني فإن هناك ما يشبه التوافق العام بين القوي السياسية السودانية وخاصة القوي الحزبية والمدنية على أهمية وقف الحرب وبالتالي فإن إعلان الدعم السريع قبول وقف الحرب أو هدنة إنسانية هو مغازلة صريحة لهذه القوي واستقطاب مواقف هذه القوي لصالح الدعم السريع مقارنة برفض الجيش السوداني أي هدنة إنسانية.
وتابع قرني، على مستوي الصعيد الإفريقي، فقد أعلنت قوات الدعم السريع قبولها بفكرة آليه مراقبة من قبل الربعية الدولية والاتحاد الإفريقي، وبالتالي كأن الدعم السريع يقدم نفسه للداخل الإفريقي باعتباره راعيًا للسلام في السودان في ضوء رفض كافة دول الاتحاد الإفريقي حتى الآن الاعتراف بحكومة الدعم السريع في إقليم جنوب دارفور وهو هدف مهم للدعم السريع لقبول سياسي إفريقي به كطرف رئيسي في إدارة الصراع ومستقبل الصراع فى السودان.
مغازلة الرأي العام العالمي
وأشار الدكتور رمصان قرني، إلى أن الهدف الثالث للدعم السريع لإعلان الهدنة، يتمثل في مغازلة الرأي العام العالمي من خلال إظهار الجيش بأن الطرف الذي يؤيد استمرار الحرب وإظهار الدعم السريع بأنه الطرف الداعي للسلام ووقف الحرب.
ولفت قرني، إلى سعى الدعم السريع على الصعيد العالمي خاصة في ضوء التحركات التى تتم فى الأمم المتحدة حاليًا بشأن إجراء تحقيق مستقل فى مزاعم الجرائم ضد الإنسانية التى تمت فى مدينة الفاشر مؤخرًا من ارتكاب جرائم حرب واغتصاب وقتل جماعي.
تحرك فردي
وأوضح أنه في ضوء التحرك الفردي للدعم السريع ورفض الجيش السوداني لفكرة الهدنة التى طرحتها الربعاية الدولية حينما أعلن الفريق البرهان صراحة رفضه لفكرة مبادرة الرباعية الدولية للهدنة الإنسانية لمدة 3 أشهر.
وتوقع الباحث في الشأن الإفريقي، أن يكون الوضع هو استمرار المعادلة العسكرية الراهنة فى السودان وسيتمسك الدعم السريع بالنجاحات العسكرية التى حققها فى إقليمي كردفان ودار فور ويحاول الحفاظ عليها وبالتالي سيستمر فى عملياته العسكرية من منطق الرد على هجمات الجيش السودانى وفي ذات الوقت سيسعي الجيش السوداني إلى محاولة استرداد إقليم دار فور من قبل الدعم السريع وأيضًا تحقيق نجاحات عسكرية للسيطرة على إقليم كردفان ومن ثم الوضع العسكري في السودان سيستمر كما هو الحال الآن، مع تفسيرات متباينة من كل طرف فالجيش يقول أنه يسعي لتحرير الإقاليم والأراضي السودانية المختصبة من قبل الدعم السريع.
تشكيل آلية مراقبة دولية
وقال قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، في كلمة مسجلة "انطلاقاً من مسؤوليتنا الوطنية، واستجابة للجهود الدولية المبذولة وعلى رأسها مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومساعي دول الرباعية... نعلن هدنة إنسانية تشمل وقف الأعمال العدائية لمدة ثلاثة أشهر" والموافقة على تشكيل آلية مراقبة دولية.
وأعلن دقلو أن الهدنة الإنسانية تشمل وقف الأعمال القتالية وتهدف لحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة من النزاع.
وقال في خطاب نشر على منصات قوات الدعم السريع في مواقع التواصل الاجتماعي، إن الخطوة تأتي استجابةً لما وصفها بـ"الجهود الدولية من أجل مصلحة الشعب السوداني"، معرباً عن أمله في أن تدفع الآلية الرباعية ما أسماه "الطرف الآخر" في إشارة للجيش السوداني، للتجاوب مع المبادرة.
وأكد التزام قواته بتسهيل العمل الإنساني عبر تأمين حركة العاملين في الإغاثة، وضمان وصول المساعدات دون عوائق، إضافة إلى حماية مقار المنظمات الدولية والوطنية وتمكين الفرق الطبية من أداء مهامها.