مصر في القمة الأفريقية–الأوروبية: رؤية شاملة للأمن والتنمية وشراكة تقوم على المصالح المتوازنة

تقارير وحوارات

رئيس مجلس الوزراء
رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي -الفجر

 

 

جاءت مشاركة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، ممثلًا عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، في القمة السابعة للاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي في العاصمة الأنغولية لواندا، لتعكس ثبات الموقف المصري تجاه قضايا القارة الأفريقية، ولتقدم رؤية شاملة لطبيعة الارتباط الاستراتيجي بين إفريقيا وأوروبا في ظل التحولات الجيوسياسية المتلاحقة.

ففي ظل الأزمات الممتدة في الإقليمين، من الصراعات في الشرق الأوسط والقرن الأفريقي والساحل، وحتى التوترات المتزايدة على حدود أوروبا الشرقية، برزت مصر كصوت واقعي يدعو إلى بناء شراكة قائمة على المصالح المشتركة واحترام السيادة ودعم الاستقرار.


الأمن الأفريقي–الأوروبي… وحدة مصير لا يمكن تجاهلها

أكد مدبولي خلال جلسة "السلم والأمن والحوكمة" أن الأمن بين القارتين أصبح مترابطًا بصورة غير مسبوقة، وأن الأزمات الأخيرة أثبتت أن أي اختلال في إحدى المنطقتين ينعكس مباشرة على الأخرى.
ولم يكن هذا الطرح جديدًا بالنسبة للقاهرة، لكنه جاء هذه المرة محمّلًا برسالة سياسية واضحة:
لا أمن أوروبي دون استقرار حقيقي داخل إفريقيا.

وركّز رئيس الوزراء على ضرورة معالجة جذور النزاعات في القارة، عبر تمكين المجتمعات المحلية، وبناء مؤسسات قوية، وتعزيز برامج إعادة الإعمار والتنمية المستدامة.

 

موقف مصري ثابت تجاه بؤر التوتر الإقليمية

استعرض مدبولي التحركات المصرية في عدة ملفات شديدة الحساسية، أبرزها:

غزة: دعم جهود التهدئة والاعتماد على حل سياسي يعيد الحقوق ويمنع انفجار الأزمات.

السودان: الدفع نحو المسار السياسي ومنع تفكك الدولة.

ليبيا: ضرورة خروج المرتزقة ودعم المؤسسات الوطنية.

الساحل والقرن الأفريقي: تعزيز قدرات الدول في مكافحة الإرهاب ومعالجة أسباب عدم الاستقرار.


وتعكس هذه المواقف امتدادًا لرؤية مصر القائمة على حماية كيانات الدول ومنع سيناريوهات الانقسام والفوضى.

إصلاح النظام الدولي… صوت إفريقيا الحاضر

وجّه رئيس الوزراء دعوة صريحة إلى إصلاح منظومة التمويل الدولية، خاصة في ظل الأعباء الاقتصادية المتزايدة على الدول النامية، مؤكدًا أن النظام الحالي لم يعد قادرًا على الاستجابة لحجم التحديات.

كما جدد دعم مصر للموقف الأفريقي الموحد بشأن إصلاح مجلس الأمن، بما يضمن تمثيلًا عادلًا للقارة التي تضم ثلث أعضاء الأمم المتحدة وتعاني من آثار القرارات الدولية أكثر من غيرها.


مصر وأوروبا… نحو شراكة تنموية متوازنة

أبدى مدبولي استعداد مصر للانخراط في شراكات ثنائية وثلاثية مع الدول الأوروبية لتنفيذ مشروعات داخل إفريقيا، خاصة في مجالات:

البنية التحتية

الطاقة

التحول الأخضر

الأمن الغذائي

تمكين الشباب والمرأة

إعادة الإعمار


وترى القاهرة أن أوروبا شريك طبيعي يمكنه الإسهام في تعزيز قدرات الدول الأفريقية، خاصة مع تصاعد تداعيات الهجرة غير النظامية والاضطرابات الاقتصادية.


في النهاية جسدت كلمة رئيس الوزراء المصري في القمة الأفريقية–الأوروبية رؤية متكاملة تمتد من الأمن إلى التنمية، وتوازن بين المصالح المشتركة واحترام الملكية الوطنية.
وقدمت مصر نفسها كجسر اتصال بين إفريقيا وأوروبا، وكدولة قادرة على طرح حلول عملية تستند إلى خبرتها في إدارة الأزمات الإقليمية.

ومع استمرار التحديات العالمية، تبدو هذه الرؤية أكثر أهمية من أي وقت مضى، باعتبارها أساسًا لبناء علاقة استراتيجية تستفيد منها القارتان، وتعيد صياغة مفهوم الشراكة وفق مبادئ العدالة والاستقرار والتنمية.