أوغندا أمام اختبار يناير.. انتخابات استثنائية بمخاطر وارتدادات إقليمية

تقارير وحوارات

الانتخابات الرئاسية
الانتخابات الرئاسية في أوغندا- صورة أرشيفية

 

 

تستعد أوغندا لدخول محطة سياسية حاسمة في يناير 2026، مع انطلاق العد التنازلي للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تُعدّ من أكثر الاستحقاقات ترقبًا في شرق إفريقيا، نظرًا لتداعياتها الداخلية والإقليمية، ولأنها تضع الرئيس يوويري موسيفيني، الذي يحكم البلاد منذ نحو أربعة عقود، أمام اختبار جديد في مواجهة معارضة شابة يقودها النائب والمغني السابق "بوبي واين".

 

سباق انتخابي يتجدد بعد أربعة عقود من الحكم

أعلنت اللجنة الانتخابية الأوغندية رسميًا تحديد 15 يناير 2026 موعدًا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في خطوة تفتح الباب مجددًا أمام الجدل حول الاستمرارية والتغيير في نظام سياسي يقوده موسيفيني منذ عام 1986.

وقال رئيس اللجنة، القاضي سيمون بياباكاما، خلال مؤتمر صحفي في العاصمة كمبالا، إن الحملة الانتخابية ستتوقف قبل 48 ساعة من يوم الاقتراع، بهدف “ضبط الإيقاع السياسي” وضمان نزاهة العملية، فيما يُنتظر أن تُعلن قريبًا خارطة طريق تفصيلية تتضمن جداول الترشيح وإرشادات الحملات وآليات المتابعة والرقابة.

 

موسيفيني وبوبي واين.. مواجهة الأجيال

يتصدر السباق الانتخابي الرئيس يوويري موسيفيني، مرشح حركة المقاومة الوطنية، الذي يسعى لتمديد حكمه بعد تعديلات دستورية ألغت القيود على عدد الفترات وسن المرشح، ما أتاح له الترشح رغم تجاوزه الثمانين.

في المقابل، يبرز منافسه الأبرز روبرت كياغولاني سينتامو، المعروف باسم بوبي واين، زعيم حزب الوحدة الوطنية، الذي يمثل طموحات جيل شاب يطالب بإصلاحات ديمقراطية واقتصادية جذرية، ويرفع شعار "التغيير السلمي عبر صناديق الاقتراع".

كما يدخل السباق اللواء المتقاعد موجيشا مونتو عن حزب التحالف من أجل التغيير الوطني، وناثان ناندالا مافابي عن حزب التغيير الديمقراطي، إلى جانب مرشحين آخرين من أحزاب صغيرة ومستقلين، ما يعكس تنوع المشهد السياسي وإن بقي ميزان القوة راجحًا لصالح الحزب الحاكم.

 


اتهامات متبادلة وتعهدات بالشفافية

تواجه الحكومة الأوغندية انتقادات من المعارضة ومنظمات حقوقية تتهمها باستخدام الأجهزة الأمنية لتقييد النشاط السياسي وفرض السيطرة على وسائل الإعلام والإنترنت، في تكرار لمشاهد الانتخابات السابقة عام 2021، التي شابتها مزاعم “تزوير وترهيب وشراء أصوات”.

غير أن السلطات تؤكد أن الانتخابات المقبلة ستكون "أكثر شفافية وتنظيمًا"، متعهدة بتوفير مناخ انتخابي آمن وسلمي يضمن مشاركة واسعة.

 


رهانات إقليمية واستقرار مطلوب

تكتسب الانتخابات الأوغندية أهمية خاصة تتجاوز حدودها الوطنية، بالنظر إلى الدور الإقليمي البارز الذي تلعبه كمبالا في شرق إفريقيا، من خلال مشاركتها في عمليات حفظ السلام في الصومال وجنوب السودان والكونغو الديمقراطية، وموقعها في جهود مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية.

ويرى محللون أن أي اضطراب سياسي في أوغندا قد ينعكس على الأمن الإقليمي، خاصة في ظل تصاعد التحديات العابرة للحدود، مما يجعل الاستقرار الداخلي شرطًا أساسيًا لاستقرار منطقة البحيرات العظمى بأكملها.


بين إرث موسيفيني وطموح الشباب

مع اقتراب موعد الاقتراع، تدخل أوغندا مرحلة حاسمة من تاريخها السياسي، بين إرث زعيم مخضرم يتشبث بالاستمرارية، وجيل جديد يتوق للتغيير.
وفي ظل توازنات دقيقة بين السلطة والمعارضة، تبدو انتخابات يناير 2026 اختبارًا حقيقيًا للديمقراطية الأوغندية، ولقدرتها على الانتقال من مرحلة الصراع السياسي إلى مرحلة التنافس السلمي والإصلاح.