د.حماد عبدالله يكتب: المدرسة في مصر " زمان " !!
شيء مقدس – شيء من الخيال يا ناس !!
المدرسة زمان – لها زى يحترم رغم بساطته – مريلة من " الدمور البيج" والتى كان لها إسم تجارى "تيل نادية"- وكرافتة معقودة عليها بألوان زاهية – إما زرقاء أو حمراء أو خضراء – وكان في بعض الأحيان سوداء.
ويصاحب الطفل مع مريلته " كيسًا " من نفس نوع القماش – يحتوى على " اللوح الإردواز " – وهى السبورة السوداء الصغيرة – وبعض أصابع الطباشير الملونة مع قلم رصاص – وكراس – كتب على جلدته توجيهات للتلميذ بغسل يده قبل الأكل وأسنانه قبل النوم–وغيرها من ( أ ب )الحياة للأطفال – وبجانب هذا ( السندوتش ) التي تحافظ الأم على أن تعطيه للطفل – لغذائه في المدرسة – وعادة ما كان يختلط
( السندوتش ) بالطباشير باللوح الإردواز بالقلم الرصاص– داخل هذا الكيس
( تيل نادية ) – والأغلب والأعم في محتوى السندوتش – هو الفول المدمس – وبعده بدرجتين إحدى أنواع الجبنة – وأقربها تلك ( الجبنة القريش ) – الحلوم - غير المملحة – والتي كانت تبتاعها الأسر المصرية من الوارد إلى المدينة من الريف حينما كان لدينا " ريفًا " منتجًا – للجبنة والخبز والبيض والدجاج والبط، والفطير المشلتت – وغيره من خيرات للأسف الشديد إندثرت – كتطور حتمي في القرية المصرية !!
وكانت المدرسة تستقبل الأطفال – وكأنهم في معبد – حيث يصطف الجميع –
" القصير في الأمام والطويل في الخلف " – وكان أكبر التلاميذ سنًا أو رشدًا أو إبن الناظر أو أبن أحد المدرسين – هو "الألفَّة" – حيث يقف بجانب ( ساري العلم ) لكي نهتف تحيا جمهورية مصر أو تحيا الجمهورية العربية المتحدة، أو قبل ذلك – يحيا ملك مصر – وقبل ذلك يحيا ملك مصر والسودان !!
وبعد رفع العلم وتحيته – يختار أحد التلاميذ لقراءة بعض أخبار الصباح في إذاعة المدرسة – ثم يتحدث الناظر لكي يلقى بتعليماته اليومية – من الإهتمام بالدروس ونظافة الفصول – والحفاظ على الحمامات نظيفة – وحوائط المدرسة – وكذلك الإعتناء بالزراعة وجرائد الحائط ؟، وغيرها من أدوات في المدرسة – ثم تتحرك الطوابير إلى الفصول لكي تبدأ الحصة الأولى – وهكذا تتوالى الدراسة في اليوم ما بين حصص نظرية – وأخرى عملية على شكل الأشغال الفنية أو الرياضة أو الفن والمسرح والموسيقى وحينما يأتي وقت " الفسحة " أو وقت الراحة ينطلق الجميع إلى أنشطة ما – ويحدث تبادل الأطعمة في بعض الأحيان بين التلاميذ وهو ما كان يسمى " بالغديوه " أي يتغذى البعض معًا وهنا يظهر من الحقيبة المدرسية ( القماش ) تلك السندوتشات العجيبة من البيوت المختلفة – وأيضًا – تلك اللحظات السعيدة التي كان يعيشها تلاميذ المدرسة حينما – يكلفوا بعمل مجلة الحائط – أو يكلفوا بنظافة الملاعب أو يقوموا بواجبات المطعم حينما كان هناك وجبة غذائية تقدم لتلاميذ تلك المدارس الحكومية – سندوتش جبنة رومي و2 بيضة وبرتقالة أو موزة – هذه المدرسة في الزمن القديم أبدعت في الإرتباط بين التلاميذ – وعاشت تلك المرحلة في وجدان التلاميذ أطفالًا ومراهقين وشبابًا في الجامعات – ورجالًا في الحياة العامة – حيث غرزت المدرسة الإنتماء – وهو ما نفتقده اليوم !!
أ.د/حمــاد عبد الله حمـــاد
Hammad [email protected]