أحمديات: طلعوا بيتكلموا
مازالت الكلمة حائرة بين مفهوم لم يقصد ومقصود لم يفهم فاجعل كلمتك بسيطة حتى يفهم مقصدها.
في إحدى الليالي وعند عودتي من عملي إلى المنزل متأخرًا، وجدت مشهدًا غريبًا ورهيبًا لم أعتده من قبل، فالظلام يخيم على المكان، ولا يوجد أحد في الطريق، والصمت يسيطر إلا من صوت نباح الكلاب الذي لم ينقطع. ومع اقترابي من دخول الشارع الذي أسكن فيه، ازداد صوت النباح بشكل كبير مما جعلني أنتبه وأشعر أن هناك شيئًا يحدث. وفجأة سمعت صوتًا عاليًا يسألني: إنت مين ورايح فين؟ لم أر الشخص بسبب الظلام الشديد، لكن الصوت بدا وكأنه قادم من الأسفل. تملكتني الرهبة وأجبت سريعًا أنني ساكن في هذا الشارع، فسألني من جديد: راجع متأخر ليه؟ أجبته بأنني كنت في العمل، ومع ذلك استمر الحوار بصوت غريب وعالٍ. وفوجئت بمجموعة أخرى تتحدث مع بعضها، ثم قال لي نفس الصوت: تحرك إلى منزلك بهدوء ولا تجري، وإلا ستتعرض لأزمة. وأضاف أنه حدد مجموعة سترافقني إلى المنزل، ولا داعي للتأخير مرة أخرى.
تحركت وأنا أتصبب عرقًا من الرعب والدهشة، فمن هؤلاء الذين يرافقونني؟ وما الذي يحدث؟ سمعت همهمة عالية وصوت أنفاس محشرجة وزمجرة غريبة من حولي، حاولت أن أجري بأقصى سرعة لكنني تذكرت التحذير بألا أجري حتى لا أتعرض للأذى. وصلت إلى المنزل وسمعت أصواتًا تزمجر، ثم جاء أحدهم إلى المجموعة التي معي وقال لهم: تمام هو ساكن هنا. وجاء صوت جديد أكثر حدة يسألني لماذا تأخرت، فقلت له إنني كنت في العمل، فسألني أين سيارتك؟ وقال بغضب إنهم كانوا ينتظرونني منذ وقت طويل، فأين سننام الليلة؟ أخبرته أنني تركت السيارة وعدت بأتوبيس العمل، فازداد الصوت غضبًا، وتحدثت المجموعة بصوت خشن يوحي بالضيق لعدم وجود السيارة.
ثم أمرني صوت غليظ بأن أدخل العمارة بسرعة وأجري بأقصى ما أستطيع حتى لا يؤذوني، ففعلت ذلك فورًا. وما إن صعدت السلم حتى فوجئت بهجوم غريب ومعركة تدور على الدرج وصوت أحدهم يقول: إيه الإزعاج ده؟ إحنا نايمين ولازم نعاقبك. بدأت أصرخ وأستغيث من الرعب الذي يلاحقني منذ دخول الشارع، وبدأ السكان وأولادي يستيقظون على صوتي، فأضاءت الأنوار في العمارة والشارع، وخرج الجميع لمطاردتهم.
لكن المفاجأة كانت عندما تجمعوا جميعًا من الشارع والطريق ومدخل العمارة والسلم، ووقفوا في اصطفاف كبير أمام السكان، فاكتشفت وقتها الحقيقة المذهلة... إنهم جميعًا كلاب الشارع، ولكنهم تطوروا، وبدأوا يتحدثون ويعملون، وأنشأوا مجتمعات عمرانية جديدة بالجهود الذاتية ودون أي أعباء. يعيشون حياتهم بارتياح، نظموا أماكن للحمامات والطعام والشراب والنوم والتزاوج ورعاية المواليد، وأماكن خاصة لكبار السن، بل وأقاموا علاقات عمل في الأمن والحراسة مقابل الطعام والإقامة والرعاية.
أصبح لديهم مناطق لتعليم الصغار ونظام تكافل اجتماعي متكامل دون عبء على الحكومة، وبفضل هذا التنظيم الجيد تضاعفت أعدادهم وانتشروا في كل مكان. لديهم قانون خاص ينظم السكن لكل أسرة بحيث تكون قريبة من غيرها، ليستطيعوا التجمع في أي موقف عند الحاجة. وأكثر ما يميز منظومتهم هو الحراسة والخدمات الليلية وتناوب الأدوار لحماية مناطقهم.
حقًا، برغم الرعب الذي عشته تلك الليلة، إلا أنني انبهرت بما رأيت. إنها منظومة تستحق الدراسة، لمن يهمه الأمر.
طلعوا بيتكلموا.
قرمشة:
كلام تكاتك... توكتوليكا
عاملين شقايق بس أنا فايق
كله للخير مسيرها تنتهي
هوريك إنك ببلاش بس دورك لسه مجاش
أهون عليك تهون علي
عينك يا لوح دنا جايبها بطلوع الروح
لو لسه زعلان البحر مليان
عرفتوا ليه هما مبسوطين
تحياتي ومن عندياتي.
إلى اللقاء..