الوعي وقوة المشاركة النسائية... وانتخابات بروح الطفولة

فخامة العٌرس الديمقراطي في اليوم الأول من انتخابات مجلس النواب 2025

الفجر السياسي

فخامة العٌرس ديمقراطي
فخامة العٌرس ديمقراطي في اليوم الأول من انتخابات مجلس النواب

انطلقت صباح اليوم المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب 2025 وسط أجواء احتفالية مفعمة بالحماس والانضباط، لتتحول اللجان الانتخابية في مختلف المحافظات إلى ما يشبه “عرسًا ديمقراطيًا” جسّد وعي المصريين وحرصهم على المشاركة في رسم مستقبل الحياة السياسية للبلاد.

شهد اليوم الأول مشاهد متنوعة تعبّر عن عمق الانتماء الوطني
شهد اليوم الأول مشاهد متنوعة تعبّر عن عمق الانتماء الوطني

شهد اليوم الأول مشاهد متنوعة تعبّر عن عمق الانتماء الوطني، حيث اصطف المواطنون في طوابير امتدت لعشرات الأمتار أمام اللجان، يرفعون الأعلام ويهتفون لمصر، وسط مشاركة واسعة من مختلف الفئات والأعمار. ومن اللافت أن المرأة المصرية تصدّرت المشهد كالعادة، لتؤكد أن حضورها السياسي لا يقل عن دورها الاجتماعي والإنساني، بينما حرص كبار السن على الحضور المبكر منذ ساعات الصباح الأولى للإدلاء بأصواتهم رغم برودة الطقس في بعض المناطق.

وفي محافظات المرحلة الأولى، من الجيزة، بني سويف، الفيوم، المنيا، أسيوط، الوادي الجديد، سوهاج، قنا، الأقصر، أسوان، البحر الأحمر، الإسكندرية، البحيرة، ومرسى مطروح، جرت العملية الانتخابية في أجواء من النظام والانضباط، حيث يشارك أكثر من 35 مليون ناخب مسجل في الجداول الانتخابية عبر 5606 لجنة عامة وفرعية. وشهدت هذه اللجان تواجدًا مكثفًا للأطقم التنظيمية والشرطة النسائية لتقديم المساعدة لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، ما أضفى طابعًا حضاريًا على المشهد الانتخابي.

انتخابات بروح الطفولة... مشاركة الأمهات وحضور الأجيال الجديدة

من أبرز المشاهد الإنسانية التي لفتت الأنظار خلال اليوم الأول، تلك اللحظات التي اصطحبت فيها بعض الأمهات أبناءهن الصغار إلى اللجان الانتخابية، في مشهد يعكس روح الطفولة الممتزجة بالوعي الوطني. كانت الصور تتحدث عن نفسها: أطفال يلوّحون بالأعلام الصغيرة، وآخرون يقفون بجوار أمهاتهم أمام اللجان وكأنهم يشاركون في العرس الديمقراطي بطريقتهم الخاصة.

هذا المشهد لم يكن مجرد لقطة عابرة، بل تجسيد لفكرة توريث الوعي والانتماء للأجيال الجديدة، فالأم التي تحمل طفلها لتصوّت اليوم تزرع في وعيه قيمة المشاركة والمسؤولية منذ نعومة أظافره. إحدى السيدات قالت مبتسمة: "عايزة ابني يشوف إن صوته له قيمة.. وإن المشاركة مش رفاهية، دي واجب"، لتلخص بكلمات بسيطة فلسفة الوعي الذي تسعى الدولة لترسيخه في وجدان المواطنين.

تلك المشاهد اللطيفة خففت من توتر العملية الانتخابية، وأضفت عليها لمسة إنسانية جعلت من اليوم الأول أقرب إلى احتفال وطني كبير، تتشارك فيه الأسرة المصرية بمختلف أجيالها، في مشهد يجسد عمق الوعي الجمعي ورغبة المصريين في المساهمة الفعلية ببناء مستقبلهم الديمقراطي.

الوعي والمشاركة النسائية... وجه مشرق للديمقراطية المصرية
الوعي والمشاركة النسائية... وجه مشرق للديمقراطية المصرية

الوعي والمشاركة النسائية... وجه مشرق للديمقراطية المصرية

حظيت المرأة المصرية بمكانة خاصة في اليوم الأول من التصويت، إذ تصدّرت الصفوف أمام اللجان في مشهد بات مألوفًا في كل استحقاق انتخابي. من الريف إلى المدن، ومن الصعيد إلى الإسكندرية، بدت النساء أكثر حماسًا من أي وقت مضى، يحملن بطاقاتهن الانتخابية وهنّ يرددن عبارات تشجيعية تعبّر عن فخرهن بحق المشاركة السياسية.

وفي محافظة الإسكندرية، تصدّرت السيدات المشهد الانتخابي منذ الساعات الأولى، خصوصًا في لجان مدرسة معهد فتيات سيدي بشر بمنطقة المنتزه أول، حيث توافد المئات منهن في طوابير منظمة وسط حضور أمني وتنظيمي متميز. كما خصصت المحافظة 5 لجان عامة و316 مقرًا انتخابيًا و588 لجنة فرعية، بإجمالي أكثر من 4.4 مليون ناخب لهم حق التصويت، يتنافسون على 15 مقعدًا فرديًا ضمن 5 دوائر انتخابية تشهد منافسة قوية بين الأحزاب والمستقلين.

أكدت السيدات اللاتي شاركن في التصويت أنهن يعتبرن المشاركة حقًا وواجبًا ووسيلة للتعبير عن انتمائهن لوطن يثق بهن ويعتمد عليهن. وقالت إحدى الناخبات في الجيزة: "الانتخابات دي مش مجرد ورقة في الصندوق، دي رسالة إننا فاهمين، ومدركين، وعايزين بلدنا تكمل في طريقها الصح." وهكذا أصبحت المرأة رمزًا للوعي الوطني المتجدد الذي لا يتوقف عند المشاركة، بل يمتد إلى التأثير وصناعة الرأي العام.

تنظيم دقيق وتيسيرات شاملة للمواطنين

من جانبها، أكدت الهيئة الوطنية للانتخابات أنها انتهت من تجهيز جميع اللجان بالمعدات واللافتات الإرشادية، وتزويدها بأجهزة QR Code لتسهيل عملية التصويت والتحقق من هوية الناخبين، مع توفير التيسيرات اللازمة لكبار السن وذوي الهمم. كما وفّرت الهيئة طرقًا متعددة للاستعلام عن اللجان الانتخابية، منها الموقع الرسمي www.elections.eg أو التطبيق الإلكتروني للهيئة، إضافة إلى خدمة الرسائل القصيرة على الرقم 5151 لتسهيل معرفة بيانات اللجنة مجانًا.

وشدّدت الهيئة في بيانها على أن هذه الخطوات تأتي ضمن جهود الدولة لتيسير العملية الانتخابية وضمان أعلى درجات الشفافية والمشاركة الفعالة، مؤكدة أن لجان المتابعة والمراقبة الميدانية باشرت عملها منذ الصباح الباكر لضمان انضباط سير العملية الانتخابية وتطبيق المعايير القانونية كافة.

مشهد يعكس الوحدة الوطنية
مشهد يعكس الوحدة الوطنية

وفي مشهد يعكس الوحدة الوطنية، شهدت مدينة أبو النمرس بمحافظة الجيزة لوحة إنسانية رائعة، حيث اصطف المواطنون من المسلمين والمسيحيين أمام اللجان جنبًا إلى جنب، في صورة تجسد روح التكاتف والانتماء. وشارك رجال الدين في حث المواطنين على الإدلاء بأصواتهم من منابر المساجد والكنائس، تأكيدًا على أن المشاركة ليست فقط واجبًا وطنيًا بل مسؤولية أخلاقية تجاه الوطن.

اللافت أيضًا وجود فرق متطوعين داخل محيط اللجان لتوجيه المواطنين ومساعدتهم في معرفة لجانهم الانتخابية، إلى جانب تواجد الشرطة النسائية التي أدت دورًا مهمًا في تنظيم حركة الدخول والخروج وتقديم العون لكبار السن والسيدات.

مصر تمضي في طريق الديمقراطية بثقة

ومع انتهاء اليوم الأول من التصويت، يمكن القول إن انتخابات مجلس النواب 2025 انطلقت في أجواء تليق بتاريخ الشعب المصري ووعيه، حيث جسدت مشاهد الطوابير الطويلة، ومشاركة المرأة، وحرص كبار السن، وصور الأطفال في أحضان أمهاتهم، ملامح وطن يعي جيدًا قيمة صوته.

لقد بدت اللجان وكأنها مسرح لاحتفال وطني كبير، امتزجت فيه المشاعر بالمسؤولية، لتعلن مصر من جديد أنها تمضي بثقة نحو ترسيخ قواعد الديمقراطية، في انتخابات تتجاوز مجرد اختيار نواب إلى ترسيخ ثقافة المشاركة وبناء وعي جمعي متجدد يعزز قوة الدولة واستقرارها.