في بني سويف

مريض حادثة تُرك في فناء المستشفي.. ومديرة الواسطى ترد: «أدخلناه العناية فورًا ومفيش أفراد أمن لا بنعرف مين طالع ولا مين داخل »

محافظات

مستشفي الواسطي بني
مستشفي الواسطي بني سويف

هل هو إهمال طبي أم خلل إداري؟

في واقعة غريبة أثارت إستياء الأهالي بمحافظة بني سويف، عُثر على رجل مصاب وملقى داخل حديقة مستشفى الواسطى المركزي في حالة حرجة، بعدما تبين أنه ضحية حادث، وتلقى علاجًا مبدئيًا قبل أن يُترك في العراء دون طعام أو شراب.

المريض المصاب 
المريض المصاب 


 بداية القصة

يروي جمال محمود، مقدم البلاغ وصاحب الموقف الإنساني، تفاصيل الواقعة قائلًا:

 "كنت بزور عمي في المستشفى، ولقيت راجل مرمي في الجنينة ومتعري، وإيده متجبسة. سألت الناس قالوا إنه جه في حادثة وعلقوا له محاليل وبعد كده رمته المستشفى بره. الراجل كان لا بياكل ولا بيشرب، وجروحه وصلت للعظم."

 تدخل النجدة والشرطة.

يقول محمود  إنه فور رؤيته للحالة اتصل بـ النجدة، والتي تواصلت معه على الفور، وأبلغت قسم شرطة الواسطى، حيث حضر ضابط في سيارة شرطة إلى المستشفى.

> "وريت الضابط الراجل وهو مرمي، وشيلناه سوا ودخلناه على الاستقبال. قلنا للطاقم اتقوا الله، ده بيموت، ولو ما اتدخلتوش هننشر الفيديوهات على السوشيال ميديا."

 

وبعد تدخل الشرطة وضغط الأهالي، تم إدخال المصاب إلى الاستقبال ثم العناية المركزة لتلقي العلاج اللازم.


 رد إدارة المستشفى

من جانبها، نفت الدكتورة هبة حسن، مديرة مستشفى الواسطى العام، ما تردد عن تخلي المستشفى عن المريض أو الإهمال في حالته، موضحة أن المريض كان قد دخل المستشفى قبل نحو خمسة أيام بعد تعرضه لحادث أسفر عن إصابات وجروح وكسر بالذراع، وتم تقديم الإسعافات والعلاج اللازم له قبل خروجه.

وأضافت:

 «فوجئت في اليوم التالي بأن المريض ما زال موجودًا في فناء المستشفى، وعلى الفور أمرت بإدخاله مرة أخرى إلى العناية بعد فحصه، خاصة بعدما تبين ارتفاع درجة حرارته.»

 

وأكدت مديرة المستشفى أن المكان يعاني من غياب تام لعناصر الأمن، مشيرة إلى أنه:

 «مفيش أفراد أمن إطلاقًا، ولا كاميرات مراقبة، ومش بنعرف مين داخل ومين خارج.»


 أرقام من داخل مستشفى الواسطى

يُعد مستشفى الواسطى المركزي من أكبر المستشفيات في شمال محافظة بني سويف، وتبلغ طاقته الاستيعابية 162 سريرًا، ويخدم عشرات الآلاف من المواطنين سنويًا.

وخلال النصف الأول من عام 2022:

استقبل قسم الاستقبال والطوارئ نحو 30،119 حالة.

العيادات الخارجية استقبلت 28،620 مريضًا.

قسم العناية المركزة قدم خدماته لـ 2،315 حالة.

قسم الحضّانات استقبل 488 مولودًا.

قسم الغسيل الكلوي استقبل 144 حالة.

وتم إجراء 5،604 أشعة تشخيصية وتداخلية خلال ستة أشهر فقط.


ورغم هذه الأرقام التي تعكس حجم الضغط الكبير على المستشفى، إلا أن الأهالي يرون أن الإهمال الإداري وسوء المتابعة قد يتسببان أحيانًا في مآسٍ إنسانية، مثل الواقعة الأخيرة.


 معاناة المستشفى من نقص في الخدمة الطبية

رغم كون مستشفى الواسطى المركزي أحد أكبر المستشفيات في شمال محافظة بني سويف، فإنها تعاني من نقص واضح في الخدمة الطبية على عدة مستويات، سواء في الكوادر البشرية أو الإمكانيات والمستلزمات.
ويؤكد عدد من الأهالي أن المستشفى كثيرًا ما تشهد عجزًا في الأطباء ببعض التخصصات الحيوية، وتأخرًا في تقديم الخدمات، إلى جانب نقص في التمريض والمستلزمات الأساسية مثل المحاليل وأجهزة الأشعة.
كما أشار بعض العاملين إلى أن ضغط العمل الكبير مع قلة عدد الأطقم الطبية يؤدي إلى تكدس المرضى وتأخر تلقي الرعاية المناسبة.


 شكاوى الأهالي من ضعف الخدمة

عبّر عدد من أهالي مركز الواسطى عن استيائهم من ضعف الخدمات الطبية داخل المستشفى، مؤكدين أن الغياب المتكرر للأطباء في قسم الاستقبال والطوارئ أصبح أمرًا متكررًا.
وقال أحد المواطنين:

 «إحنا لما بنروح المستشفى كتير ما بنلاقيش دكاترة في الاستقبال، وبنفضل نستنى بالساعات، وبيبقى فيه ناس جاية في حالات إغماء أو سكر ومفيش تدخل سريع.»

 

وأشار الأهالي إلى أن هذا التأخير في التعامل مع الحالات الطارئة قد يعرض حياة المرضى للخطر، مطالبين وزارة الصحة بتوفير أطقم طبية كافية على مدار الساعة داخل المستشفى.


ملاحظات سابقة من الجهات الرقابية

وفقًا لتقارير المتابعة، تم إحالة 64 موظفًا وطبيبًا وصيدليًا وفنيًا بالمستشفى للتحقيق بسبب الغياب عن العمل ومخالفات إدارية، كما رُصدت نواقص في المستلزمات الطبية وأعطال في بعض الأجهزة خلال مرور مفاجئ للجان التف.


تبقى الحكاية أكبر من مجرد خطأ إداري أو تقصير طبي؛ إنها صرخة إنسانٍ تُذكّرنا بأن المرضى ليسوا أرقامًا في دفاتر المستشفيات، بل أرواح تستحق الرعاية والرحمة.
أن يُترك مريض وحيدًا يتألم في حديقة مستشفى، يعني أننا بحاجة إلى مراجعة ضمائرنا قبل أن نراجع القوانين. فالمسؤولية ليست فقط على الطبيب أو الممرض، بل على كل من يرى الألم ويسكت عنه.
قد يُنسى اسم المريض، لكن الإنسانية لا يجب أن تُنسى.