بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.. تونة الجبل بالمنيا تكشف أسرار الطيور المقدسة
تونة الجبل.. سجلّ خفي لتاريخ الحيوان المقدس وطقوس المصريين القدماء في قلب المنيا
بعد افتتاح المتحف المصري الكبير الذي استعرض أمام العالم عظمة الحضارة المصرية القديمة يتجدد الاهتمام بالمواقع الأثرية في مختلف محافظات مصر، وعلى رأسها محافظة المنيا التي تضم واحدة من أهم مناطق الدفن في التاريخ المصري القديم وهي تونة الجبل.
تونة الجبل.. سجلّ خفي لتاريخ الحيوان المقدس وطقوس المصريين القدماء في قلب المنيا
تُعرف تونة الجبل بأنها “جبانة الطيور العظيمة”، نظرًا لكونها أكبر موقع دُفنت فيه طيور الإبيس والبابون التي كانت تُعبَد قديمًا كرموز للإله تحوت، إله الحكمة والكتابة في مصر القديمة.
تقع تونة الجبل (Tuna el-Gebel) في قلب محافظة المنيا، وهي من أبرز المواقع الأثرية التي تجذب الباحثين والسياح على حد سواء، لما تحتويه من أسرار تعكس تطور المعتقدات الدينية المصرية عبر العصور. فقد شُيّدت تحت الأرض سراديب ضخمة تمتد لمئات الأمتار، استخدمت لدفن الحيوانات المقدسة ضمن طقوس مهيبة تعبّر عن الإيمان بالحياة بعد الموت لكل الكائنات.
وتضم المنطقة مقبرة بيتو سِيرِس التي تعود إلى العصر البطلمي، وتُعدّ مثالًا فريدًا على تمازج الفن المصري واليوناني في الزخارف والعمارة. فهي تحمل الطراز المصري في التخطيط والنقوش، بينما تتزين بملامح الإغريق في الأسلوب الفني. كذلك تضم مقبرة إيزادورا، الفتاة التي خلدتها قصة حب مأساوية جمعتها بأحد الجنود الرومان، حيث غرقَت في النيل أثناء عبورها إليه.
تونة الجبل ليست فقط موقعًا أثريًا، بل هي سجلّ حضاري يحكي كيف تعامل المصري القديم مع الحيوان كرمز ديني مقدس، وكيف تطورت تلك الطقوس خلال العصر البطلمي والروماني. ومع الاكتشافات الأثرية الحديثة، تم العثور على مقابر جديدة تعود إلى عصر الدولة الحديثة، مما يضيف بعدًا زمنيًا جديدًا لقيمة المنطقة التاريخية.
وفي الوقت الذي يفتح فيه المتحف المصري الكبير أبوابه أمام العالم، تعود الأنظار إلى مواقع أثرية مثل تونة الجبل في المنيا، لتؤكد أن حضارة مصر لا تُختصر في مكان واحد، بل تمتد من الجيزة إلى صعيد مصر، حاملةً أسرار آلاف السنين من الإبداع والإيمان والتاريخ.
وتظل تونة الجبل شاهدًا على عمق الحضارة المصرية وتنوع معتقداتها بين الإنسان والحيوان، بما تحمله من أسرار دينية وفنية فريدة.
ومع افتتاح المتحف المصري الكبير، تتجدد دعوة العالم لاكتشاف كنوز مصر في كل محافظاتها، من هضبة الجيزة إلى قلب المنيا حيث تتألق تونة الجبل كصفحة خالدة من تاريخ مصر القديم.
