بث مباشر.. المتحف المصري الكبير: صرح حضاري عالمي يجمع بين التاريخ والحداثة
المتحف المصري الكبير: صرح حضاري عالمي يجمع بين التاريخ والحداثة
يفتتح اليوم المتحف المصري الكبير في القاهرة، ليصبح أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة، ويضم نحو 100 ألف قطعة أثرية تغطي قرابة 7 آلاف عام من التاريخ المصري القديم، بدءًا من عصور ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليوناني والروماني. ويتميز المتحف بتصميم معماري حديث يطل على أهرامات الجيزة، مع قاعات عرض ضخمة وتقنيات متحفية متطورة، ويهدف إلى تحويل زيارة المتحف إلى تجربة معرفية وإنسانية شاملة للزوار، متجاوزًا المفهوم التقليدي للمتحف كمكان لعرض القطع فقط.
ويعتمد المتحف على أساليب عرض مبتكرة، مثل الإضاءات غير المباشرة وتوظيف الضوء الطبيعي لتسليط التركيز على قطع محددة، مع عرض منظومة فلكية تحاكي تعامد الشمس في معبد أبو سمبل على وجه تمثال رمسيس الثاني العملاق في يومين محددين من كل عام، ليشكل ذلك تجربة بصرية وتاريخية فريدة. ويحتوي المتحف على متحف للأطفال، يتيح للزوار الصغار التفاعل مع العجلات الحربية والمشاركة في تجارب تعليمية وترفيهية، لتصبح زيارة المتحف يومًا متكاملًا للأسرة بالكامل.

يضم المتحف المصري الكبير أبرز كنوز الحضارة المصرية القديمة، مثل تمثال رمسيس الثاني الضخم الذي يبلغ وزنه 83 طنًا وارتفاعه 11 مترًا، ومقتنيات الملك توت عنخ آمون المعروضة لأول مرة كاملة في مكان واحد، بما يزيد على 5 آلاف قطعة أثرية. كما يشمل المتحف مركب الملك خوفو الشمسي، المعروف أيضًا باسم "مركب الشمس"، الذي يبلغ طوله 43.5 مترًا ويُعد أقدم وأكبر قطعة أثرية خشبية في التاريخ، بالإضافة إلى مركب شمسي ثانٍ يمكن للزوار متابعة أعمال الترميم الخاصة به عبر جدار زجاجي شفاف.
وتشير الدراسات الأثرية إلى أن مركب خوفو يحتوي على 1،224 قطعة خشبية تم تركيبها باستخدام نظام الحبال دون مسامير، مع وجود 4،159 ثقبًا لتثبيت الأجزاء، ما يعكس براعة المصري القديم في بناء السفن وتطويرها منذ آلاف السنين. وتُعرض داخل المتحف أيضًا قطع أخرى نادرة مثل التوابيت الملونة المكتشفة في خبيئة العساسيف، وحفائر منطقة سقارة التي لم تُعرض للجمهور من قبل.
شهد بناء المتحف المصري الكبير أكثر من 20 عامًا من العمل، وبلغت تكلفته أكثر من مليار دولار، وهو يمتد على مساحة تقارب نصف مليون متر مربع، تشمل المدخل الرئيسي الذي يحتوي على تمثال رمسيس الثاني و5 قطع أثرية ضخمة، والدرج العظيم الذي يصل ارتفاعه إلى 6 طوابق ويضم 87 قطعة أثرية ضخمة، وقاعات العرض الدائم والمؤقت، ومتحف الطفل، وفصول الحرف والفنون، ومكتبات متخصصة، ومخازن تضم نحو 50 ألف قطعة أثرية مجهزة للدراسة والبحث العلمي.
ويشهد حفل الافتتاح حضورًا دوليًا واسعًا يضم 79 وفدًا رسميًا من بينهم 39 وفدًا برئاسة ملوك ورؤساء دول وحكومات، بمشاركة شخصيات بارزة من أوروبا وآسيا وإفريقيا والعالم العربي، إضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، مع تغطية إعلامية كبيرة تضم أكثر من 450 مراسلًا دوليًا من نحو 180 وسيلة إعلامية، وبث مباشر مجاني عبر منصات رقمية.
ويعتبر المتحف المصري الكبير رسالة ثقافية عالمية، حيث طالب المؤرخون باسترداد الكنوز المهربة أو المهداة في فترات سابقة، ليؤكد أن التراث المصري مكانه الأراضي المصرية. كما أكدت اليونسكو أن افتتاح المتحف يمثل علامة فارقة في مسيرة مصر للحفاظ على تراثها الثقافي، ويتيح فرصًا جديدة للحوار بين الحضارات، ويجسد التزام مصر بحماية ماضيها وصياغة رؤية مستقبلية للتراث والتعليم والتنمية المستدامة.
ومن المتوقع أن يجذب المتحف المصري الكبير نحو 5 ملايين سائح سنويًا بمجرد افتتاحه رسميًا، ليصبح وجهة ثقافية وسياحية عالمية تجمع بين عراقة الحضارة المصرية القديمة وحداثة تقنيات العرض المتحفي الحديث، ويتيح للزوار تجربة فريدة تربط الماضي بالحاضر والمستقبل.
