مجازر الدعم السريع في السودان.. سجل دامٍ يمتد عبر الولايات والمدن

تقارير وحوارات

حرب الإبادة الجماعية
حرب الإبادة الجماعية في الفاشر - الفجر

 

 

يشهد السودان واحدة من أحلك فصول تاريخه الحديث، حيث تتواصل الانتهاكات الواسعة وجرائم الحرب التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع بحق المدنيين في مختلف أنحاء البلاد، وسط مطالبات محلية ودولية بضرورة التحقيق العاجل ومحاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم المروعة التي طالت آلاف الأبرياء.

آلاف الضحايا ومجازر متواصلة

منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، تحولت مناطق واسعة من دارفور وكردفان والخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض إلى مسرح لمجازر جماعية، حيث نفذت مليشيا الدعم السريع هجمات ممنهجة استهدفت القرى والمدن والأسواق ودور العبادة والمستشفيات.

وتشير التقارير الميدانية والشهادات الموثقة إلى أن المليشيا ارتكبت أكثر من مئة مجزرة موثقة، خلفت آلاف القتلى من المدنيين، بينهم نساء وأطفال وشيوخ، بعضهم دُفنوا أحياء أو أُحرقوا داخل منازلهم.

مجازر دارفور.. الإبادة تتجدد

تُعد منطقة دارفور الأكثر تضررًا من بطش المليشيا، حيث شهدت مدن مثل الفاشر، ونيالا، وزمزم، وود النورة، والحرقة، وحفيرة، والفعج، والبروراب، عشرات المجازر الجماعية، أبرزها:

مجزرة مسجد الفاشر (سبتمبر 2025): مقتل 75 مصليًا أثناء صلاة الفجر إثر قصف بطائرة مسيرة تابعة للدعم السريع.

مجزرة جلقني: مقتل 247 مدنيًا في واحدة من أفظع عمليات الإبادة الجماعية خلال العام.

مجزرة أم كدادة: مقتل 127 شخصًا بينهم أطفال ونساء.

مجزرة دار الأرقم: سقوط 30 شهيدًا في قصف استهدف مراكز إيواء المدنيين.

مجزرة خميس أبكر، والي غرب دارفور، الذي تم اغتياله والتمثيل بجثته علنًا، في مشهد صادم أدانته الأمم المتحدة.


الخرطوم والجزيرة وكردفان والنيل الأبيض

لم تسلم بقية الولايات من بطش المليشيا، حيث شهدت مناطق ود النورة، الفادنية، العيدج، قوز الناقة، السيال، وحلة بلولة، والفولة، وشق النوم عمليات قتل جماعي مروعة، فضلًا عن حرق قرى بأكملها مثل قرية الزعفة في غرب كردفان التي قُتل فيها 79 مدنيًا، معظمهم من النساء والأطفال.

وفي النيل الأبيض، سُجلت مجازر في مناطق مثل القطينة والكداريس والخلوات، راح ضحيتها العشرات، فيما وثقت منظمات حقوقية استخدام المليشيا العنف الجنسي كسلاح حرب، وارتكاب عمليات اختطاف ونهب واسعة.

مطالب بالمحاسبة الدولية

تطالب هيئة محامي دارفور والمجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات بتسليم المتورطين في هذه الجرائم، وعلى رأسهم قادة الدعم السريع، إلى المحكمة الجنائية الدولية، بعد أن أعلن المدعي العام توسيع تحقيقاته بموجب قرار مجلس الأمن رقم (1591).

كما دعت الأمم المتحدة، عبر مفوضية حقوق الإنسان، إلى تحقيق مستقل وشفاف وسريع في الانتهاكات الجسيمة التي تشهدها الفاشر ودارفور، مؤكدة أن حجم الجرائم يستدعي مساءلة دولية عاجلة.

حرب بلا ضمير

تؤكد الوقائع أن ما يجري في السودان يتجاوز كونه صراعًا سياسيًا أو عسكريًا، ليشكل جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية ممنهجة، تستهدف مكونات مجتمعية بعينها، وتُنفذ بأسلحة ثقيلة وطائرات مسيرة.

ويبقى السؤال الأبرز الذي يطرحه السودانيون اليوم:إلى متى يستمر الإفلات من العقاب؟؛
ومتى يتحرك المجتمع الدولي لوقف نزيف الدم السوداني وإنصاف الضحايا؟