الكنيسة القبطية تصلي من أجل النيل والزراع
تبرز الكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية كأحد الفاعلين الداعمين لقضايا البيئة، ليس فقط من خلال المواقف الحديثة، بل من خلال جذور روحية وطقسية ضاربة في التاريخ.
صلوات يومية من أجل النيل والمحاصيل
يؤكد الأب فيلبس ماهر، أستاذ مادة اللاهوت الطقسي بالكلية الإكليريكية، أن البيئة والمناخ يحتلان مكانة خاصة في صلوات الكنيسة القبطية منذ نشأتها. ويشير إلى أن القداس الإلهي يتضمن ثلاث «أوشيات» — أي صلوات أو طلبات — تُتلى يوميًا في جميع الكنائس والأديرة بمصر، تتعلق بالمياه والزروع والمحاصيل.
في «أوشية المياه»، يصلي الكاهن قائلًا: «تفضل يا رب مياه النهر في هذه السنة باركها»، بينما يرد الشماس والشعب بطلب الرحمة قائلين: «يارب ارحم» ثلاث مرات، في مشهد يعبّر عن ارتباط ديني وروحي عميق بين الإيمان والبيئة.
أما «أوشية الزروع»، فتُتلى من أجل البركة والنماء، تليها «أوشية الأهوية وثمرات الأرض»، وهي صلاة تطلب الخير في الأجواء والمحاصيل، تعبيرًا عن إدراك الكنيسة لدورها في حماية الخليقة ورعاية مواردها الطبيعية.
ميخائيل.. رئيس الملائكة حارس النيل والزروع
يضيف بولس أشرف، خريج الكلية الإكليريكية، أن الكنيسة تؤمن بدور رئيس الملائكة ميخائيل كشفيع عن مياه النيل والزراعات والثمرات، إذ يردّد الأقباط في مديحه: «السلام لك يا ميخائيل يا شفيع في المخلوقات، الطالب عن مياه النيل والزراعات والثمرات».
كما تحتفل الكنيسة في النصف الثاني من أغسطس بعيد «وفاء النيل»، حيث يُقام القداس الإلهي على ضفاف النهر برئاسة البابا تواضروس الثاني وعدد من الأساقفة والكهنة، وتتضمن المراسم رش المياه المباركة على النهر طلبًا للبركة والوفرة.
«وفاء النيل» في التاريخ الكنسي
يذكر كتاب «السنكسار» أن واقعة وفاء النيل تعود إلى عهد البابا بطرس السابع، حين انخفض منسوب النهر وعمّ الخوف من الجفاف، فطلب محمد علي باشا من البابا الصلاة لزيادة المياه. وبعد إقامة القداس وغسل أواني المذبح بماء النيل، فاض النهر مجددًا، ما عزز مكانة الكنيسة ورجالها لدى الحاكم آنذاك.







