من قلب الجيزة إلى أنظار العالم.. المتحف المصري الكبير يستعد لاستقبال زواره الأوائل

منوعات

من قلب الجيزة إلى
من قلب الجيزة إلى أنظار العالم.. المتحف المصري الكبير

من أمام أهرامات الجيزة الخالدة، تتأهب مصر لتقديم أعظم هدية ثقافية إلى العالم مع اقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير مطلع نوفمبر المقبل، في حدث يوصف بأنه أضخم افتتاح حضاري في القرن الحادي والعشرين.

وليس هذا الافتتاح مجرد تدشين لمبنى أثري جديد، بل هو رسالة حضارية متجددة من مصر إلى الإنسانية تؤكد فيها أن حضارتها التي أنارت العالم قبل آلاف السنين لا تزال نابضة بالإبداع والتجدد. المتحف المصري الكبير سيكون بمثابة جسر بين الماضي والمستقبل، يربط عبقرية الفراعنة القديمة برؤية مصر الحديثة نحو التنمية والثقافة المستدامة.

من الجيزة إلى العالم.. قصة ميلاد صرح تاريخي

يقع المتحف المصري الكبير في موقع فريد أمام أهرامات الجيزة مباشرة، ليُشكل مع الأهرامات والمتحف منظومة حضارية متكاملة تمثل بوابة مصر إلى التاريخ والحداثة في آن واحد. يمتد المشروع على مساحة تتجاوز نصف مليون متر مربع، ليصبح أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة، هي الحضارة المصرية القديمة.

ويضم المتحف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، من بينها مقتنيات تُعرض لأول مرة، أبرزها كنوز الملك توت عنخ آمون في عرض متكامل يُحاكي رحلته الملكية عبر العصور. أما التصميم المعماري، فهو تحفة فنية تجمع بين الهندسة المعاصرة والرموز الفرعونية، إذ استخدمت في بنائه خطوط هندسية مستوحاة من شكل الأهرامات والمثلثات، فيما تتيح واجهته الزجاجية الشفافة رؤية الأهرامات في خلفية المشهد، لتصبح التجربة البصرية مزيجًا مذهلًا من التاريخ والحداثة.

الاستعدادات النهائية.. مصر تضع اللمسات الأخيرة قبل لحظة الافتتاح

تشهد منطقة الجيزة خلال هذه الأيام حركة غير مسبوقة من التحضيرات استعدادًا للافتتاح الرسمي في الأول من نوفمبر.
تشارك في التجهيزات النهائية وزارات السياحة والآثار، والنقل، والداخلية، ومحافظة الجيزة، إلى جانب هيئات هندسية متخصصة لضمان خروج الحدث في أبهى صورة ممكنة.

كما أُجريت عمليات تطوير شاملة للبنية التحتية المحيطة بالمتحف، شملت توسعة الطرق، وإنشاء ممرات خاصة للمشاة، وتطوير الميادين والمداخل المؤدية إليه. حتى الطريق المؤدي إلى المتحف تحوّل إلى رحلة استكشافية في حد ذاته، تزينه النخيل والجداريات التي تروي فصولًا من التاريخ المصري القديم، ليصبح الوصول إلى المتحف تجربة ثقافية متكاملة قبل الدخول إليه.

المتحف المصري الكبير.. مشروع وطني بامتياز

يمثل المتحف المصري الكبير إنجازًا وطنيًا عملاقًا يجسد روح مصر الحديثة وسعيها لتقديم تراثها للعالم بروح القرن الحادي والعشرين. على المستوى المحلي، يُتوقع أن يخلق المشروع آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، ويعزز من حركة السياحة في القاهرة الكبرى، كما يسهم في تحفيز الاقتصاد الثقافي والسياحي. أما على الصعيد العالمي، فسيكون المتحف مركزًا دوليًا لعلم المصريات ومقصدًا رئيسيًا للباحثين من جميع أنحاء العالم.

ومن المنتظر أن يضع المتحف مصر في مصاف كبرى المتاحف العالمية مثل اللوفر في باريس والمتحف البريطاني في لندن، ليؤكد للعالم أن القاهرة لا تزال عاصمة الحضارة الإنسانية.

التكنولوجيا تروي قصة الفراعنة بطريقة جديدة

في تجربة غير مسبوقة على مستوى الشرق الأوسط، يُعيد المتحف المصري الكبير تعريف مفهوم العرض المتحفي من خلال توظيف أحدث تقنيات الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي في خدمة التاريخ. فقد تم تجهيز قاعات العرض بشاشات ثلاثية الأبعاد وتطبيقات تفاعلية تسمح للزائر بخوض رحلة غامرة عبر الزمن، حيث يمكنه مشاهدة طقوس التتويج الملكي أو التجول افتراضيًا داخل مقبرة فرعونية كما كانت قبل آلاف السنين. هذه التجربة الفريدة تجعل التاريخ ينبض بالحياة، وتحوّل الزيارة إلى رحلة معرفية شيقة تمزج بين المتعة والتعليم في آنٍ واحد.

ولا تتوقف التكنولوجيا عند حدود العرض البصري فحسب، بل تمتد لتشمل أنظمة تحكم ذكية في الإضاءة والرطوبة ودرجة الحرارة، تعمل تلقائيًا للحفاظ على القطع الأثرية في أفضل حالة ممكنة. كما أنشئ داخل المتحف أرشيف رقمي شامل يوثق كل قطعة أثرية ببياناتها التاريخية والعلمية، مما يجعل منه مركزًا بحثيًا عالميًا لدراسة الآثار المصرية وتبادل المعرفة بين العلماء. وبهذا، يصبح المتحف المصري الكبير جسرًا بين الماضي والمستقبل، حيث تروي التكنولوجيا قصة الفراعنة بأسلوب حديث يليق بعظمة حضارتهم.

المتحف الأخضر.. عندما تمتزج الحضارة بالاستدامة

من أبرز سمات المشروع أنه يُعد أول متحف صديق للبيئة في الشرق الأوسط.

تم تصميمه وفق معايير الاستدامة البيئية من خلال الاعتماد على الطاقة الشمسية وأنظمة إعادة تدوير المياه، إضافة إلى استخدام مواد بناء تقلل من الانبعاثات الكربونية.