سحب الجنسية من الرئيس السابق.. آخر تطورات الأوضاع في مدغشقر

تقارير وحوارات

مدغشقر - الفجر
مدغشقر - الفجر

 


تشهد مدغشقر واحدة من أكثر فصولها السياسية اضطرابًا منذ مطلع الألفية، عقب انقلاب عسكري أطاح بالرئيس أندري راجويلو منتصف أكتوبر الجاري، لتدخل البلاد مرحلة انتقالية جديدة بقيادة الجيش، وسط انقسام داخلي وضغوط دولية متصاعدة.

انقلاب بقيادة وحدة النخبة

في 12 أكتوبر 2025، أعلنت وحدة النخبة في الجيش المعروفة باسم CAPSAT الإطاحة بالرئيس راجويلو بعد احتجاجات شبابية واسعة قادتها حركة "جيل زد" (Gen Z)، بدأت أواخر سبتمبر على خلفية أزمة الكهرباء والمياه، قبل أن تتحول إلى مطالب بإصلاح النظام وإسقاط الحكومة.

وفي 17 أكتوبر، أدى العقيد مايكل راندريانيرينا قائد الوحدة، اليمين الدستورية كرئيس انتقالي للبلاد، متعهدًا بفترة حكم عسكرية لا تتجاوز عامين، تتخللها إصلاحات دستورية وانتخابات عامة “نزيهة وشفافة”.


سحب الجنسية من الرئيس المخلوع

وفي خطوة غير مسبوقة، أعلن البرلمان المدرغشقري في 14 أكتوبر سحب الجنسية من الرئيس المخلوع راجويلو بعد فراره إلى فرنسا، متهمًا إياه بـ "الخيانة العظمى" و"الهروب أثناء الأزمة الوطنية".
القرار شمل أيضًا أكثر من 50 مسؤولًا من نظامه السابق، من بينهم وزير المالية وعدد من ضباط الأمن، بتهم تتعلق بالفساد وقمع الاحتجاجات.

راجويلو، الذي أُطيح به سابقًا عام 2009 قبل أن يعود إلى الحكم في 2018، وصف القرار بأنه "غير دستوري وانتقامي"، مؤكدًا من منفاه في باريس أنه ما يزال "الرئيس الشرعي المنتخب"، ودعا الأمم المتحدة للتدخل.

المجتمع الدولي بين التنديد والدعم الحذر

أدان الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة الانقلاب وعلّقا عضوية مدغشقر في الاتحاد الإفريقي، فيما أبدت الولايات المتحدة وفرنسا والصين وروسيا مواقف متباينة بين القبول بالأمر الواقع والدعوة إلى العودة السريعة للنظام المدني.

أما حركة الشباب Gen Z، فقد رحّبت بسقوط راجويلو لكنها رفضت تشكيل حكومة انتقالية تضم رموزًا من النظام القديم، معتبرةً ذلك "إعادة إنتاج للأزمة".

التحديات الاقتصادية والإنسانية

يواجه الاقتصاد المدرغشقري ضغوطًا غير مسبوقة، بعد فرض واشنطن تعريفات جمركية بنسبة 47% على صادرات النسيج منذ أبريل الماضي — وهو القطاع الذي يشغل أكثر من 400 ألف عامل. كما تفاقمت الأزمة بسبب الجفاف والفيضانات التي ضربت مناطق الزراعة الرئيسية.

تقرير البنك الدولي (فبراير 2025) حذر من ارتفاع معدلات الفقر إلى مستويات قياسية، وتراجع الإنتاجية الزراعية بنسبة 12% خلال عام واحد.

ورغم ذلك، شهدت البلاد منذ 23 أكتوبر بعض مظاهر الاستقرار النسبي، إذ أُعيد فتح المطارات والبنوك والحدائق الوطنية، ورفعت دول أوروبية عدة قيود السفر المفروضة على مدغشقر.

آفاق المرحلة الانتقالية

الرئيس الانتقالي راندريانيرينا أعلن عن نية حكومته مراجعة دستور 2010 خلال الأشهر الستة المقبلة، بما يتيح “تأسيس نظام جمهوري مدني قائم على الكفاءة والمساءلة”.
لكن مراقبين حذروا من أن استمرار حالة “التطهير السياسي” وسحب الجنسيات قد يؤدي إلى تعميق الانقسام الداخلي وعودة التوترات.

وفي ظل توازنات دقيقة بين الجيش والشباب والمجتمع الدولي، تبقى مدغشقر أمام مفترق طرق — فإما مرحلة استقرار سياسي حقيقي، أو انزلاق جديد نحو الفوضى.