البنك المركزي الأوروبي يعلنها: الذهب ثاني أهم أصل احتياطي بعد الدولار

الذهب يتخطى اليورو: البنوك المركزية تعيد الثقة للمعدن النفيس كأصل احتياطي عالمي

أخبار مصر

الذهب
الذهب

في تحول لافت داخل النظام المالي العالمي، أعلن البنك المركزي الأوروبي أن الذهب تجاوز اليورو ليصبح ثاني أهم أصل احتياطي لدى البنوك المركزية حول العالم، بعد الدولار الأمريكي مباشرة. هذا التحول يعكس عودة قوية للذهب كملاذ آمن في ظل حالة التذبذب الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم وتراجع الثقة في العملات الورقية.

عودة بريق المعدن الأصفر

لطالما كان الذهب مرادفًا للأمان المالي، إلا أن العقود الأخيرة شهدت تراجعًا في مكانته أمام العملات العالمية مثل الدولار واليورو. لكن وفقًا لتقرير البنك المركزي الأوروبي، شهدت السنوات الأخيرة اتجاهًا متزايدًا من البنوك المركزية لشراء كميات ضخمة من الذهب، مدفوعة برغبة في تقليل الاعتماد على العملات الأجنبية التي تتأثر بالتقلبات السياسية والاقتصادية.

الذهب
الذهب


ففي عام 2024 وحده، ارتفعت مشتريات الذهب الرسمية بنسبة تفوق 30%، لتصل إلى أعلى مستوى منذ نصف قرن.

أسباب التحول من اليورو إلى الذهب

يرى الخبراء أن هذا التحول ناتج عن مجموعة من العوامل المتشابكة.
أولها تراجع الثقة في اليورو بعد الأزمات الاقتصادية المتتالية داخل الاتحاد الأوروبي، خاصة أزمة الطاقة التي ضربت القارة بعد الحرب الروسية الأوكرانية، إلى جانب تراجع معدلات النمو في كبرى الاقتصادات الأوروبية.
ثانيًا، تصاعد التوترات الجيوسياسية دفع البنوك المركزية إلى تعزيز احتياطياتها من الأصول المستقرة، والذهب بطبيعته هو الأصل الأكثر حيادًا في أوقات الصراع.
وثالثًا، الاتجاه العالمي نحو فك الارتباط بالدولار كعملة مهيمنة جعل الذهب الخيار الأنسب لتحقيق توازن في المحافظ الاحتياطية.

البنوك المركزية تعود إلى الذهب

أبرز المشترين الجدد للذهب هم بنوك مركزية في دول آسيا والشرق الأوسط، وعلى رأسها الصين والهند وتركيا والسعودية.
هذه الدول سعت إلى تقوية احتياطياتها عبر تنويع الأصول وتقليل الاعتماد على العملات الغربية.
كما أن بعض الدول بدأت بالفعل في تسوية جزء من تعاملاتها التجارية بالذهب أو بعملاتها المحلية، في خطوة تُعد جزءًا من تحرك أوسع نحو نظام مالي متعدد الأقطاب.

كيف يؤثر هذا التحول على الاقتصاد العالمي؟

تجاوز الذهب لليورو لا يحمل فقط دلالة رمزية، بل يعكس تحولًا حقيقيًا في موازين القوة المالية العالمية.
فكلما زادت احتياطيات الذهب لدى البنوك، قلّ اعتمادها على النظام المالي الغربي الذي يسيطر عليه الدولار واليورو، مما يمنحها استقلالًا أكبر في قراراتها النقدية.
ويؤكد محللون أن استمرار هذا الاتجاه قد يؤدي إلى تقليص نفوذ العملات الغربية تدريجيًا، خاصة إذا استمرت الدول النامية في استخدام الذهب كأداة لتسعير التجارة الدولية.

مصر والمنطقة العربية في الصورة

بالنسبة للدول العربية، فإن هذا التحول يفتح الباب أمام فرص كبيرة. فمصر والسعودية تمتلكان تاريخًا طويلًا في التعامل بالذهب سواء كأصل استثماري أو كجزء من الاحتياطي الرسمي.
وقد أشار خبراء اقتصاديون إلى أن تعزيز احتياطي الذهب في المنطقة العربية يمكن أن يوفر استقرارًا نقديًا ويساعد في مواجهة تقلبات أسعار العملات الأجنبية، خاصة مع توجه بعض الدول لإصدار عملات رقمية مدعومة بالذهب.

تفوق الذهب على اليورو لم يكن مجرد حدث مالي عابر، بل مؤشر على بداية مرحلة جديدة في النظام النقدي العالمي.
فالمعدن الذي صمد أمام الحروب والأزمات والانهيارات الاقتصادية يعود اليوم ليتربع مجددًا على عرش الأمان المالي.
قد يتغير شكل العملات، وقد تتطور الأدوات المالية، لكن الذهب — كما يبدو — سيبقى دائمًا هو الحكم الأخير بين الثقة والشك في عالم الاقتصاد.