ذكرى إغراق المدمرة إيلات.. الانتصار الذي غير قواعد الحروب البحرية

ذكرى إغراق المدمرة إيلات.. الانتصار الذي غير قواعد الحروب البحرية

تقارير وحوارات

ذكرى إغراق المدمرة
ذكرى إغراق المدمرة إيلات.. الانتصار الذي غير قواعد الحروب

تحل اليوم الذكرى الثامنة والخمسون لواحدة من أبرز صفحات المجد في سجل القوات المسلحة المصرية، وهي ذكرى إغراق المدمرة الإسرائيلية «إيلات» في الـ21 أكتوبر من عام 1967، والتي تعد من أهم العمليات في تاريخ البحرية المصرية والعالمية.

ففي وقت كانت فيه جراح الوطن ما زالت تنزف بعد نكسة يونيو 1967، وبينما ظنّ العدو أن روح المصريين قد انكسرت، كانت هناك قلوب لا تعرف الهزيمة، وعيون تسهر على شاطئ بورسعيد، تترقب لحظة الثأر ورفع الرأس من جديد.

🔷 تفاصيل التنفيذ 

جاءت العملية بعد أشهر قليلة من نكسة يونيو 1967، حين حاولت إسرائيل استعراض قوتها بالاقتراب من السواحل المصرية شمال مدينة بورسعيد عبر المدمرة «إيلات»، في استعراضٍ مستفز للقوة، لكن أبطال البحرية المصرية كانوا على الموعد، فخططوا ونفذوا أول عملية من نوعها في التاريخ الحديث، لتكون صفعة مدوية على وجه العدو.

وفي مساء 21 أكتوبر، رصدت وحدات الرادار المصرية تحركات المدمرة داخل المياه الإقليمية، وبمجرد أن صدرت أوامر قائد القوات البحرية بتدمير هذه المدمرة عند دخولها المياه الإقليمية، خرج لنشا صواريخ من قاعدة بورسعيد لتنفيذ المهمة.

هجم اللنش الأول بإطلاق صاروخ أصاب جانب المدمرة إصابة مباشرة فأخذت تميل على جانبها، فلاحقها بالصاروخ الثاني فتم إغراق المدمرة الإسرائيلية «إيلات» على مسافة تبعد 11 ميلًا بحريًا شمال شرق بورسعيد بعد الخامسة مساء يوم 21 أكتوبر 1967 وعليها طاقمها الذى يتكون من نحو مائة فرد إضافة إلى دفعة من طلبة الكلية البحرية كانت على ظهرها في رحلة تدريبية.

🔷 استغاثة إسرائيلية 

وقد غرقت المدمرة داخل المياه الإقليمية المصرية بنحو ميل بحري وعاد اللنشان إلى القاعدة لتلتهب مشاعر كل قوات جبهة القناة وكل القوات المسلحة لهذا العمل الذي تم بسرعة وكفاءة، وطلبت إسرائيل من قوات الرقابة الدولية أن تقوم الطائرات الإسرائيلية بعملية الإنقاذ للأفراد الذين هبطوا إلى الماء عند غرق المدمرة، واستجابت مصر لطلب قوات الرقابة الدولية بعدم التدخل في عملية الإنقاذ التي تمت على ضوء المشاعل التي تلقيها الطائرات، ولم تنتهز مصر هذه الفرصة للقضاء على الأفراد الذين كان يتم إنقاذهم.

🔷 اعترافات بالهزيمة

وقد أثار غرق المدمرة «إيلات – 40» صدمة بالغة في إسرائيل وقال المسئولون فيها إنهم لم يتخيلوا هذه المهارة العربية الفائقة في إطلاق الصواريخ وتساءلوا عما حدث!.. وصرح في تل أبيب البريجادير جنرال «شلومو إيريل» قائد البحرية الإسرائيلية في هذا الوقت، أن المصريين استخدموا صاروخًا سوفيتيا سريًا رأسه يزن طنًا لإغراق المدمرة إيلات، وأن المدمرة تحولت إلى كتلة من النيران والصلب الملتوي.

وقال إيريل أيضًا إن الهجوم كان مفاجئًا وأن طاقم المدمرة لم يكن لديه وقت إلا للبدء في زيادة السرعة والاستدارة ولفتح النيران بخمسين مدفعًا على الصاروخ الأول عندما رأوه قادمًا، ولكن الصاروخ الثانى أصابها في مقتل. 
وروى الناجون من المدمرة الغارقة «إيلات» التفاصيل الكاملة للمعركة وقال أحد الناجين إن صاروخًا أخضر شق طريقه عبر الضباب الأبيض الذي كان يغطي بورسعيد في الساعة الخامسة والنصف وأفلتت آلة التنبيه فى المدمرة وأخذ البحارة مراكزهم استعدادًا للمعركة، واتخذ القبطان موقفًا للتأهب ثم أطلقت المدافع نيرانها الثقيلة، وبعد 20 ثانية أُصيبت المدمرة واهتزت السفينة كما لو كانت قد اصطدمت بحائط حجري.

🔷 نتائج العملية 

- كانت أول عملية في التاريخ يتم فيها إغراق مدمّرة بصواريخ سطح – سطح. 
- رفعت الروح المعنوية للشعب والجيش المصري بعد النكسة. 
- غيّرت الفكر العسكري البحري في العالم كله. 
- تم اعتماد 21 أكتوبر يومًا سنويًا للاحتفال بـ«عيد القوات البحرية المصرية» تخليدًا لهذا الانتصار العظيم.

🔷 أثر معنوي

مَثّل إغراق إيلات تحولًا نفسيًا ومعنويًا هائلًا للجيش والشعب المصري بعد النكسة، وأكد أن القوات المسلحة استعادت قدرتها على الرد والثأر، وأنها قادرة على مواجهة العدو بإرادة لا تلين. 
**إرث خالد في ذاكرة الوطن 
إغراق "إيلات" لم يكن مجرد عملية عسكرية، بل دليل أن مصر إذا سقطت يومًا، فإنها تقوم أقوى في اليوم التالي، لتبقى تذكيرًا للأجيال أن من يقترب من حدود مصر يغرق قبل أن يقترب.