منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين: منصة إفريقية لترسيخ الحوار وبناء الشراكات العادلة

تستضيف مصر خلال الفترة من 19 إلى 20 أكتوبر الجاري النسخة الخامسة من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين، الذي يُعد إحدى المبادرات الرائدة التي يقودها مركز القاهرة الدولي لتسوية المنازعات وحفظ وبناء السلام التابع لوزارة الخارجية المصرية.
ومنذ تدشينه عام 2019 أثناء رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي، نجح المنتدى في أن يصبح منصة حوار فريدة متعددة الأطراف تجمع بين قادة الدول والحكومات وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية والمؤسسات المالية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، إلى جانب الأكاديميين والخبراء المعنيين بقضايا السلام والتنمية في إفريقيا.
تحولات عالمية وتحديات إفريقية
تُقام نسخة هذا العام تحت عنوان «مسيرة تقدم إفريقيا في ظل التحولات العالمية»، في وقت يشهد فيه العالم حالة من عدم اليقين الدولي وتزايد تنافس القوى الكبرى على النفوذ والموارد في القارة الإفريقية.
ويبرز في هذا السياق التسابق الدولي على الثروات الطبيعية الإفريقية، خاصة المعادن الأرضية النادرة (Rare Earth Minerals)، التي أصبحت محور اتفاقات اقتصادية وأمنية مع الولايات المتحدة، والشركات العسكرية الروسية الخاصة، وأخرى مع الصين في مجالات البنية التحتية.
كما تشير التحليلات إلى أن الاستثمارات الأجنبية في القارة تميل إلى قطاعات التعدين والبنية التحتية، في حين تبقى قطاعات التكنولوجيا والصناعة محدودة الاستثمار رغم أهميتها المركزية في أجندة التنمية الإفريقية 2063.
انعكاسات التنافس الدولي على الأمن الإفريقي
يُسلّط المنتدى الضوء كذلك على الآثار الجانبية للتنافس الدولي الذي أسهم – بصورة مباشرة وغير مباشرة – في تغذية الصراعات المسلحة وإضعاف مؤسسات الدولة في عدد من دول شرق ووسط إفريقيا.
ففي ظل تنامي نفوذ الجماعات المسلحة والشركات العسكرية الخاصة، تواجه القارة تحديات متزايدة تتمثل في الإرهاب، الجريمة المنظمة العابرة للحدود، غسيل الأموال، تهريب المهاجرين والبشر والأسلحة، واستغلال الموارد بشكل غير مشروع، خصوصًا في دول الساحل وغرب إفريقيا.
رسالة مصر إلى المجتمع الدولي
ويؤكد انعقاد المنتدى للعام الخامس على التوالي التزام مصر الثابت بدعم الحوار والتعاون الإقليمي، وإيمانها بأهمية تبادل الرؤى لبناء التوافقات الإفريقية حول قضايا السلام والتنمية.
كما يوجّه المنتدى رسالة واضحة للمجتمع الدولي بأن القارة الإفريقية ليست ساحة تنافس بل شريك فاعل في صياغة مستقبل النظام الدولي، وأن حوكمة السياسات التنموية والأمنية يجب أن تراعي الخصوصية الإفريقية وأولويات شعوبها.
مكانة المنتدى بين المنصات الإقليمية
وعند مقارنة منتدى أسوان بمنتديات إقليمية مشابهة مثل قمة الأمن الإقليمي في البحرين، ومنتدى الدوحة للحوار، والمنتدى الإفريقي للأمن السيبراني، يتضح أنه أثبت نفسه كوجهة محورية للمنظمات الدولية والشركاء الباحثين عن فرص تعاون واستثمار مستدام في القارة.
ويرجع ذلك إلى جدية الطرح وفعالية إدارة النقاشات، مما مكّن المنتدى من تحويل التوصيات إلى مقترحات عملية قابلة للتنفيذ في مجالات تمويل خطط السلام والتنمية وتعزيز الاستدامة والحوكمة.
إعادة بناء الشراكات وتوسيع المشاركة الإفريقية
يسعى المنتدى في نسخته الخامسة إلى إعادة بناء الشراكات الدولية على أسس أكثر توازنًا وعدالة، بما يتسق مع أولويات الدول الإفريقية.
كما يهدف إلى تعزيز الدور الجماعي لإفريقيا في التعامل مع الأزمات العالمية مثل تغير المناخ، إصلاح عمليات السلام الأممية، تحديات الهجرة، والأمن الغذائي، عبر مقاربات إفريقية مبتكرة تُسهم في تعزيز الحضور الإفريقي في صناعة القرار الدولي.
منتدى أسوان.. نحو سردية إفريقية جديدة
لم تعد أهمية منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين تقتصر على كونه منصة للحوار متعدد الأطراف، بل أصبح أداة استراتيجية تعتمد عليها مصر في صياغة سردية إفريقية جديدة تعكس حق القارة في السلام والتنمية المستدامة في ظل نظام عالمي يتّسم بالتغير وعدم اليقين.