مدغشقر على صفيح ساخن: احتجاجات جيل زد تفجّر أزمة سياسية غير مسبوقة وانقسام داخل الجيش

تشهد مدغشقر منذ أواخر سبتمبر موجة احتجاجات غير مسبوقة، قادها شباب جيل زد (Z Generation)، احتجاجًا على نقص المياه والكهرباء وغلاء المعيشة، في مشهد فوضوي أعاد إلى الأذهان ملامح الانقلابات العسكرية التي هزّت الجزيرة في السنوات الماضية.
وتحوّلت المظاهرات، التي بدأت سلمية، إلى انتفاضة واسعة النطاق بعد انضمام وحدة عسكرية نخبوية تُعرف باسم (CAPSAT) إلى صفوف المتظاهرين، ما أدّى إلى انقسام الجيش وتعقيد المشهد السياسي بشكل خطير.
22 قتيلًا وأكثر من 100 جريح
وفقًا لتقرير الأمم المتحدة، فقد أسفرت المواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين عن مقتل ما لا يقل عن 22 شخصًا وإصابة أكثر من 100 آخرين، مع تصاعد الدعوات الدولية لضبط النفس وفتح حوار وطني عاجل لتفادي الانزلاق نحو الفوضى.
الجيش ينحاز للشارع
التحوّل الأبرز في الأزمة وقع عندما دخل المتظاهرون ساحة "13 مايو" الشهيرة بالعاصمة أنتاناناريفو بمرافقة عناصر من الجيش، في مشهد رمزي عكس حجم التغير في موازين القوى داخل البلاد، خصوصًا بعد إعلان وحدة "كابسـات" دعمها العلني للاحتجاجات ومطالبتها بـ "إصلاحات سياسية عاجلة".
الرئيس راجولينا في المنفى المؤقت
تزايدت الضغوط على الرئيس أندري راجولينا (51 عامًا)، الذي واجه اتهامات متصاعدة بالفساد وسوء الإدارة. وذكرت تقارير متقاطعة أن الرئيس غادر البلاد على متن طائرة عسكرية فرنسية خوفًا على حياته، بعد ما وصفته مصادر أمنية بـ "محاولة اغتيال فاشلة".
وفي خطاب متلفز بُث عبر فيسبوك، أكد راجولينا أنه في "مكان آمن"، داعيًا إلى "احترام الدستور"، ورافضًا الاستقالة رغم تصاعد المطالب الشعبية والعسكرية برحيله.
احتمال انقلاب يلوح في الأفق
ويُجمع محللون على أن مدغشقر تقف اليوم على حافة انقلاب عسكري محتمل، في ظل الانقسام الحاد داخل المؤسسة العسكرية، واستمرار التعبئة الشعبية التي تقودها أجيال شابة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في بلد يُعد من أفقر دول العالم وأكثرها هشاشة سياسيًا.
مخاوف دولية وتحذيرات أممية
وحذّرت الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي من خطورة الأوضاع، ودعيا جميع الأطراف إلى ضبط النفس واحترام المؤسسات الدستورية، مؤكدين أن استمرار الأزمة سيؤدي إلى انهيار أمني واقتصادي شامل في الجزيرة الواقعة بالمحيط الهندي.
في النهاية تعيش مدغشقر اليوم واحدة من أخطر لحظاتها منذ عقدين، وسط تساؤلات حول مستقبل الحكم والديمقراطية فيها، بعد أن تحولت انتفاضة معيشية إلى أزمة دولة تهدد بانقلاب جديد قد يعيد البلاد إلى دائرة عدم الاستقرار التي عانت منها طويلًا.