ثوابت الموقف المصري وأهمية البناء بعد الحرب
كلمة للتاريخ.. الرئيس السيسي: الشعب الفلسطيني له الحق في تقرير مصيره

ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمة تاريخية خلال قمة شرم الشيخ للسلام، أكد فيها على ثوابت الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية، ودعا إلى ترسيخ السلام الشامل والعادل في منطقة الشرق الأوسط. واستهل الرئيس كلمته بالترحيب بقادة العالم المشاركين في القمة، مشيرًا إلى أن اتفاق شرم الشيخ لإنهاء الحرب في غزة يمثل لحظة فارقة وبداية عهد جديد من الأمل بعد سنوات من الصراع والمعاناة، مؤكدًا أن مصر كانت وستظل من دعاة السلام والاستقرار في المنطقة.
وجّه الرئيس السيسي تحية خاصة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، معربًا عن تقديره لقيادته وجهوده في إنهاء الحرب وتحقيق الأمن والتنمية. وقال: "لقد أثبتم فخامة الرئيس أن القيادة الحقيقية ليست في شن الحروب، وإنما في القدرة على إنهائها". كما أعرب عن شكره للدول الشريكة، خاصة الولايات المتحدة وتركيا وقطر، على دعمها لجهود السلام، مؤكدًا أن تنفيذ الاتفاق يمثل خطوة جوهرية نحو تحقيق حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لسلام دائم بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي.
مصر وتدسين السلام في الشرق الأوسط
وأشار الرئيس إلى أن مصر دشنت مسار السلام في الشرق الأوسط منذ مبادرة الرئيس الراحل أنور السادات عام 1977، حين اتخذ خطوة شجاعة نحو المصالحة، واضعًا الأساس لرؤية استراتيجية مفادها أن الأمن لا يتحقق بالقوة العسكرية وحدها، بل بالعدالة والمساواة في الحقوق. وأوضح السيسي أن التجربة أثبتت أن السلام خيار استراتيجي لا بد أن يقوم على الإنصاف والاعتراف المتبادل.
وفي محور كلمته الأبرز، شدد الرئيس السيسي على أن الشعب الفلسطيني له الحق في تقرير مصيره، شأنه شأن كل شعوب الأرض التي تنعم بدولها المستقلة. وقال: "إن الشعب الفلسطيني ليس استثناءً... له الحق في أن يعيش حرًا في دولته المستقلة جنبًا إلى جنب مع إسرائيل في سلام وأمن واعتراف متبادل". وأضاف أن السلام لا تصنعه الحكومات وحدها، بل تبنيه الشعوب حين تؤمن بأن خصوم الأمس يمكن أن يصبحوا شركاء الغد.
نحو حياة تسودها العدالة والتعايش
وتوجّه الرئيس السيسي بنداء مباشر إلى الشعب الإسرائيلي قائلًا: "فلنجعل هذه اللحظة التاريخية بداية جديدة لحياة تسودها العدالة والتعايش السلمي، دعونا نتطلع سويًا لمستقبل أفضل لأبناء بلادنا معًا، ومدوا أيديكم لنتعاون في تحقيق السلام العادل والدائم لجميع شعوب المنطقة".
كما أكد الرئيس السيسي أهمية البناء بعد الحرب، مشيرًا إلى أن مصر ستعمل بالتعاون مع الولايات المتحدة والشركاء الدوليين على إعادة إعمار وتنمية قطاع غزة، وستستضيف مؤتمرًا دوليًا بعنوان "التعافي المبكر وإعادة الإعمار والتنمية" لتأمين مقومات الحياة الكريمة للشعب الفلسطيني. وأوضح أن السلام لا يكتمل إلا حين تمتد اليد للبناء بعد الدمار، وأن الاتفاق الحالي يجب أن يكون نقطة انطلاق نحو شرق أوسط جديد ينعم بالأمن والازدهار.
وفي ختام كلمته، أعلن الرئيس السيسي عن منح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قلادة النيل، أرفع وسام مصري، تقديرًا لجهوده في إنهاء الحرب ومساهمته في تعزيز السلام العالمي. واختتم قائلًا: "إن أمامنا فرصة تاريخية فريدة لبناء شرق أوسط جديد خالٍ من الإرهاب والتطرف، تنعم فيه جميع الشعوب بالأمن والعيش الكريم. هذا هو الشرق الأوسط الجديد الذي تتطلع مصر إلى تجسيده بالتعاون مع شركائها إقليميًا ودوليًا."