اتفاق تايوان وأرض الصومال البحري.. صراع النفوذ يصل إلى باب المندب

تقارير وحوارات

اتفاق تايوان وأرض
اتفاق تايوان وأرض الصومال - الفجر

 

 

في خطوة وُصفت بأنها تصعيد استراتيجي خطير في واحدة من أكثر مناطق العالم حساسية، أعلنت تايوان وأرض الصومال توقيع اتفاق بحري لتعزيز التعاون الأمني والعسكري في مجالات حرس السواحل، والتدريبات المشتركة، وتبادل الكوادر البحرية.

الاتفاق، رغم أنه بين كيانين لا يتمتعان باعتراف دولي واسع، إلا أنه أطلق شرارة توتر إقليمي جديد يمتد أثره إلى البحر الأحمر ومضيق باب المندب، الممر الحيوي للتجارة العالمية.

 


خطوة تايوانية جريئة تثير غضب بكين

تعتبر تايوان الاتفاق انتصارًا رمزيًا واستراتيجيًا يعزز حضورها الدولي في وجه العزلة التي تفرضها الصين، بينما ترى بكين في الخطوة تحديًا مباشرًا لمبدأ “الصين الواحدة” ومساسًا بسيادتها.

وزارة الخارجية الصينية وصفت الاتفاق بأنه "تدخل في الشؤون الداخلية للصين"، وأعلنت رفضها القاطع لأي تعامل رسمي مع تايوان.
وفي المقابل، كثّفت الصين ضغوطها الاقتصادية والدبلوماسية على حكومة أرض الصومال، ودفعت الحكومة الفيدرالية في مقديشو لإعلان رفضها التام للاتفاق ومنع دخول حاملي جوازات السفر التايوانية.

 


أبعاد جيوسياسية أوسع.. صراع واشنطن وبكين في قلب إفريقيا

يرى مراقبون أن الاتفاق يعكس تصاعد التنافس بين الولايات المتحدة والصين في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر.
فبينما تمتلك الصين قاعدة عسكرية متقدمة في جيبوتي وتستثمر بكثافة في موانئ المنطقة، تعمل واشنطن على توسيع شبكة تحالفاتها مع أطراف غير تقليدية، مثل أرض الصومال، لتطويق النفوذ الصيني وضمان أمن الملاحة في باب المندب.

ويشير محللون إلى أن الاتفاق يمنح تايوان — المدعومة ضمنيًا من واشنطن — موطئ قدم بحري في موقع استراتيجي يتيح مراقبة حركة السفن في البحر الأحمر، ما يثير قلق بكين ويعقّد المشهد الأمني في الممر المائي الأهم بالعالم.

 


لاعبون إقليميون يدخلون المشهد

لم تقتصر تداعيات الاتفاق على تايبيه وبكين فقط، إذ دخلت أطراف أخرى على خط التنافس:

إسرائيل التي تكثّف وجودها الاستخباراتي في البحر الأحمر لحماية مصالحها البحرية.

الإمارات والسعودية اللتان تعملان على تأمين الممرات الملاحية ومواجهة التمدد الإيراني في المنطقة.

إيران التي قد ترى في التوتر فرصة لتوسيع نفوذها غير المباشر عبر علاقات مع فاعلين محليين في القرن الإفريقي.


أما جيبوتي والصومال الفيدرالي فهما الأكثر تأثرًا بالتحولات الجديدة، بحكم موقعهما الجغرافي ودورهما المحوري في الأمن البحري الإقليمي.

 


تداعيات محتملة على الأمن الإقليمي

الاتفاق قد يؤدي إلى:

1. زيادة التوتر بين هرغيسا ومقديشو، واحتمال تصاعد الصراع السياسي داخل الصومال.


2. عسكرة البحر الأحمر والقرن الإفريقي مع دخول قوى جديدة إلى المعادلة الأمنية.


3. تهديد خطوط التجارة الدولية في حال تفاقم المواجهة بين الصين والغرب.


4. إعادة ترتيب التحالفات الإقليمية بما ينعكس على التوازنات بين دول الخليج وإفريقيا.

 


ختاما، يبدو أن الاتفاق البحري بين تايوان وأرض الصومال يتجاوز التعاون التقني إلى صراع رمزي على النفوذ والشرعية الدولية.
ففي وقتٍ تبحث فيه بكين عن ترسيخ نفوذها في إفريقيا، تختار تايبيه توقيتًا حساسًا لاقتحام الساحة الإفريقية من بوابة القرن الإفريقي، مدعومة بمصالح غربية تسعى لإعادة رسم موازين القوة في البحر الأحمر.

وفي ظل هذا التنافس المحتدم، قد يتحول القرن الإفريقي إلى ساحة صراع مفتوحة بين القوى الكبرى، حيث تختلط الجغرافيا بالسياسة، والموانئ بالتحالفات، والممرات البحرية بالمصالح الاستراتيجية.