الكاميرون تنتخب رئيسها الجديد: سباق بين الاستمرار والتغيير بعد 43 عامًا من حكم بول بيا

يشهد الكاميرون اليوم الأحد، 12 أكتوبر 2025، يومًا حاسمًا في تاريخه السياسي، إذ يتوجه أكثر من ثمانية ملايين ناخب إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس الجمهورية للسنوات السبع المقبلة، في انتخابات تُوصف بأنها اختبار حقيقي بين خيار “الاستمرار” ممثلًا في الرئيس العجوز بول بيا، وخيار “التغيير” الذي تراهن عليه المعارضة المشتتة.
انطلاق التصويت وسط إجراءات تنظيمية مشددة
أعلنت الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات في الكاميرون (إليكام) فتح 31 ألف مركز اقتراع أبوابها اعتبارًا من الساعة الثامنة صباحًا بالتوقيت المحلي، على أن تستمر عملية التصويت حتى السادسة مساءً.
وأكدت الهيئة جاهزيتها “الكاملة” لتنظيم اقتراع “هادئ ونزيه وشفاف”، حيث تم توزيع صناديق الاقتراع وأوراق التصويت والحبر غير القابل للإزالة في مختلف أنحاء البلاد، رغم التحديات الأمنية واللوجستية.
وقال مدير الهيئة، إريك إيسوس: “التحضيرات تمت منذ أسابيع وليس عشية الاقتراع، نحن جاهزون لضمان عملية موثوقة تحترم إرادة الشعب الكاميروني”.
بول بيا.. رئيس يبحث عن ولاية ثامنة وهو في الثانية والتسعين
يدخل الرئيس بول بيا السباق الرئاسي مرشحًا عن حزبه التجمع الديمقراطي للشعب الكاميروني (RDPC)، بعد أكثر من 43 عامًا في الحكم، طامحًا في ولاية جديدة تمتد حتى عام 2032، أي حتى يبلغ التاسعة والتسعين من عمره.
ويعتمد بيا، الذي اكتفى بعقد تجمع انتخابي وحيد في مدينة ماروا، على شبكة حزبه الواسعة في جميع أنحاء البلاد وعلى رصيده في “ضمان الاستقرار”، وفق ما يروّج أنصاره.
ويقول مراقبون إن الحملة الانتخابية لبيا ركّزت على إبراز تجربته الطويلة كرجل “خبرة وحكمة”، في مواجهة خصوم يسعون لتقديم أنفسهم كرموز للتجديد السياسي.
المعارضة منقسمة.. والرهان على نسبة المشاركة
يتنافس في هذه الانتخابات اثنا عشر مرشحًا، بعد انسحاب اثنين، من أبرزهم:
عيسى تشيروما باكاري، وزير الإعلام السابق، ومرشح “جبهة الإنقاذ الوطني الكاميروني (FSNC)”.
بيلو بوبا مايجاري، زعيم “الاتحاد الوطني للديمقراطية والتقدم (UNDP)”.
كابريل ليبيي، رئيس “الحزب الكاميروني للمصالحة الوطنية (PCRN)”، الذي برز في انتخابات 2018.
جوشوا أوزيه، ممثل “الجبهة الاجتماعية الديمقراطية (SDF)”، خلفًا للمعارض التاريخي الراحل ني جون فرو ندي.
باتريشيا هرمين توماينو ندام نجوييا، رئيسة “الاتحاد الديمقراطي للكاميرون (UDC)”، والمرأة الوحيدة في السباق الرئاسي.
وتُجرى الانتخابات في غياب المعارض البارز موريس كامتو، الذي حُلّ في المركز الثاني عام 2018 وتم إبطال ترشحه هذه المرة، ما أثار استياء قواعد المعارضة.
ويرى محللون أن تشتت المعارضة بين عدة مرشحين يهدد فرصها في مواجهة بيا ضمن نظام الجولة الواحدة، فيما ستحدد نسبة المشاركة إلى حد كبير مسار النتائج، خاصة بعد تسجيل نحو مليوني ناخب جديد هذا العام.
تحديات أمنية واقتصادية تضغط على المشهد الانتخابي
تأتي هذه الانتخابات في ظل أوضاع معيشية صعبة، إذ تشير تقارير البنك الدولي إلى أن أكثر من 10 ملايين كاميروني يعيشون تحت خط الفقر، بينما تواجه البلاد أزمات متعددة:
هجمات جماعة بوكو حرام في أقصى الشمال،
نزاع مسلح في المناطق الناطقة بالإنجليزية منذ ثماني سنوات،
بطء اقتصادي بسبب تراجع أسعار السلع الأساسية والنفط.
ورغم ذلك، يسعى بيا لتقديم نفسه كضامن للأمن والاستقرار، بينما تدعو المعارضة إلى “فتح صفحة جديدة” وإصلاح النظام السياسي والاقتصادي.
الأنظار نحو الصناديق.. ومخاوف من تكرار سيناريوهات 2018
مع فتح صناديق الاقتراع، يترقب الشارع الكاميروني والدول الأفريقية المجاورة مجريات التصويت وسير العملية في المناطق المتوترة.
ويرى مراقبون أن المحور الشمالي-الجنوبي الذي دعم بيا لسنوات قد يشهد اهتزازًا، بعد ترشح شخصيتين نافذتين من الشمال، كانتا حتى وقت قريب ضمن حلفائه.
وتبقى الأسئلة مفتوحة حول:
هل ستنجح المعارضة المنقسمة في إحداث مفاجأة؟
أم أن بول بيا سيواصل مسيرة حكمه التي بدأت عام 1982، ليصبح أقدم رئيس في إفريقيا والعالم؟