تطوير مستمر.. وتأهيل يليق بحُماة الوطن

مصر تحتفل بتخريج أبطال المستقبل من الكليات العسكرية

أخبار مصر

شعار القوات المسلحة
شعار القوات المسلحة

في مشهد مهيب يليق بمؤسسة وُلدت من رحم الوطنية، تستعد مصر للاحتفال بتخريج دفعات جديدة من الكليات العسكرية للعام 2025، في يوم يجسد معاني الانتماء والفداء والعطاء. يشهد الحفل هذا العام تخريج الدفعة (76) من الكلية البحرية، والدفعة (62) من الكلية الفنية العسكرية، والدفعة (8) من كلية الطب بالقوات المسلحة، والدفعة (5) من حملة المؤهلات العليا، إلى جانب الدورة رقم (2) في الفروسية، في مشهد يعكس تواصل الأجيال داخل القوات المسلحة المصرية، واستمرار مسيرة التطوير في إعداد مقاتل العصر الحديث.

ويأتي هذا الاحتفال الكبير في إطار اهتمام القيادة العامة للقوات المسلحة بتخريج أجيال جديدة من الضباط القادرين على مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل، مسلحين بالعلم والتدريب والانضباط العسكري، ومؤمنين برسالة الوطن ودوره التاريخي في حماية الأمن القومي المصري والعربي.

وفي تصريحات خاصة بمناسبة هذا الحدث الوطني الهام، أكد اللواء بحري أركان حرب أيمن عادل الدالي، نائب مدير الأكاديمية العسكرية المصرية للكلية البحرية، أن التطوير في منظومة التعليم والتدريب داخل الكلية البحرية يشهد طفرة غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة، بفضل توجيهات القيادة العامة للقوات المسلحة التي وضعت في مقدمة أولوياتها إعداد ضابط بحري يمتلك العلم والمهارة والقدرة على التفكير العلمي والإبداعي.

يقول اللواء الدالي "الكلية البحرية اليوم أصبحت نموذجًا فريدًا في تطبيق أحدث مفاهيم التدريب العسكري البحري، حيث تم تطوير المناهج التعليمية لتواكب التطور المتسارع في العلوم البحرية والهندسية، مع التركيز على التطبيقات العملية التي تتيح للطلبة الضباط التعامل مع مختلف الأنظمة الحديثة للسفن والغواصات ووحدات القتال البحري".

وأضاف "نعمل وفق رؤية متكاملة تهدف إلى تخريج ضابط بحري قادر على القيادة في الميدان، وعلى اتخاذ القرار السريع في أصعب الظروف، لذلك تم إدخال نظم محاكاة بحرية متقدمة داخل الكلية، تتيح للطلبة التدريب على عمليات الملاحة والإدارة القتالية في بيئات افتراضية تحاكي الواقع بنسبة كبيرة."

وأشار نائب مدير الأكاديمية إلى أن التدريب داخل الكلية البحرية لم يعد يقتصر على الجانب العسكري فقط، بل يمتد إلى بناء الشخصية القيادية للطالب، من خلال برامج متكاملة تشمل مهارات القيادة والعمل الجماعي والانضباط الذاتي، مؤكدًا أن الطالب الضابط في الكلية البحرية يعيش تجربة تعليمية وحياتية متكاملة تُعده ليكون ضابطًا متفوقًا ومواطنًا صالحًا في الوقت نفسه.

وتابع قائلًا "نحن نحرص على أن يواكب طلابنا أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا البحرية في العالم، سواء في نظم التسليح أو الملاحة أو الدفاع، ولذلك يتم تدريبهم عمليًا على متن القطع البحرية التابعة للقوات البحرية المصرية، بما يتيح لهم الخبرة الميدانية منذ سنوات دراستهم الأولى ".

وأكد اللواء أيمن الدالي أن الكلية البحرية لا تعمل بمعزل عن التطور الشامل في باقي الكليات العسكرية، بل تعد جزءًا أصيلًا من منظومة الأكاديمية العسكرية المصرية التي أصبحت اليوم كيانًا علميًا عسكريًا عالميًا في فكره وتنظيمه، مشيرًا إلى أن الأكاديمية تربط التعليم العسكري بالبحث العلمي التطبيقي في مختلف المجالات الدفاعية والأمنية.

واختتم حديثه قائلًا "يوم التخرج بالنسبة لنا ليس نهاية المشوار، بل بداية طريق جديد يبدأه أبناؤنا الضباط حاملين راية الوطن، فكل ضابط بحري جديد هو امتداد لجيل عظيم من أبطال البحر الذين صنعوا المجد على مر العقود، من معركة رأس العش إلى حرب أكتوبر المجيدة، وصولًا إلى مهام حماية ثروات مصر في البحرين الأحمر والمتوسط ".

وفي السياق ذاته، تحدث اللواء أشرف ضياء الدين البيومي، مدير الكلية الفنية العسكرية، عن التطوير الكبير الذي تشهده الكلية على مستوى التعليم الهندسي العسكري، مؤكدًا أن الكلية الفنية العسكرية أصبحت أحد أهم الصروح العلمية والهندسية في المنطقة، ومركزًا لتخريج ضباط مهندسين قادرين على دعم القوات المسلحة بأحدث التطبيقات التكنولوجية في مجالات التسليح والاتصالات والمعلوماتية.

وقال اللواء البيومي "الدفعة 62 من الكلية الفنية العسكرية تأتي تتويجًا لجهود متواصلة لتطوير المناهج الدراسية بما يتناسب مع التطورات العالمية في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، كالذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والأمن السيبراني، وأنظمة التسليح الذكية ".

وأضاف أن الكلية الفنية العسكرية لا تكتفي بالتعليم الأكاديمي فقط، بل تدمج بين الدراسة النظرية والتطبيق العملي في ميادين القتال والوحدات الفنية داخل القوات المسلحة، ليكتسب الطالب مهارات التعامل مع الواقع الميداني منذ مراحل دراسته الأولى.

وأوضح اللواء البيومي أن هناك تعاونًا مستمرًا بين الكلية الفنية العسكرية وعدد من الجامعات والمراكز البحثية داخل مصر وخارجها، بهدف تبادل الخبرات وتعزيز البحث العلمي العسكري، مؤكدًا أن الكلية أصبحت بيئة خصبة للابتكار، حيث قدّم طلابها عشرات المشروعات البحثية التي تم تطبيق بعضها بالفعل داخل القوات المسلحة.

وأشار مدير الكلية إلى أن عملية التطوير لم تقتصر على المناهج فحسب، بل شملت البنية التحتية أيضًا، حيث تم إنشاء معامل متطورة، وورش هندسية حديثة، وأنظمة محاكاة متكاملة للتدريب على تكنولوجيا الأسلحة والمنظومات الدفاعية الحديثة.

وقال: "نحن نعمل على إعداد ضابط مهندس يمتلك القدرة على الابتكار والتفكير النقدي، وليس فقط تلقي المعرفة، ولذلك فإن الطالب داخل الكلية الفنية العسكرية يتعلم كيف يصمم ويحلل ويطور الأنظمة بنفسه، تحت إشراف نخبة من الأساتذة العسكريين والمدنيين ".

وأكد اللواء البيومي أن الدفعات الجديدة من خريجي الكلية الفنية العسكرية تمثل إضافة نوعية للقوات المسلحة المصرية، لأنها تضم عناصر مؤهلة علميًا وفنيًا للتعامل مع تحديات التكنولوجيا العسكرية الحديثة، ولديهم القدرة على صيانة وتطوير المعدات والمنظومات القتالية، مما يعزز من كفاءة القوات المسلحة في تنفيذ مهامها القتالية والدفاعية.

كما وجه رسالة لأبناء الدفعة الجديدة قائلًا "أنتم اليوم تنضمون إلى صفوف رجال القوات المسلحة المصرية الذين نذروا أنفسهم فداءً للوطن، فكونوا على قدر المسؤولية التي تحملونها، وواصلوا التعلم والبحث والتطوير، لأن سلاح العلم لا يقل أهمية عن سلاح القوة ".

ويُعد حفل تخرج الكليات والمعاهد العسكرية لعام 2025 تأكيدًا جديدًا على أن التطوير في القوات المسلحة المصرية لم يعد شعارًا، بل أصبح واقعًا ملموسًا يشمل كل جانب من جوانب الإعداد العسكري والعلمي والمعنوي، فالاهتمام بالعنصر البشري هو محور الاستراتيجية المصرية الحديثة لبناء جيش قوي حديث قادر على حماية الوطن وصون مقدساته.

ويحمل الحفل هذا العام رمزية خاصة، إذ يضم بين صفوفه خريجين من تخصصات متعددة تعكس شمولية القوة المصرية الحديثة من البحر إلى البر، ومن الميدان الطبي إلى الفروسية، في رسالة تؤكد أن بناء الإنسان العسكري المصري هو عملية شاملة لا تعرف التوقف.

تخريج هذه الدفعات الجديدة هو تتويج لرحلة طويلة من التدريب والانضباط، وتجسيد لفلسفة وطنية راسخة ترى في التعليم العسكري والعلمي معًا أساسًا لبناء قوة الدولة، فكل ضابط يتخرج من الكليات العسكرية يحمل معه قيم الانتماء والانضباط والعطاء، ويبدأ مرحلة جديدة في خدمة وطنه بكل فخر وشرف.