التجاهل الذكي في علم النفس: فن السيطرة الهادئة على المواقف

التجاهل الذكي في علم النفس: فن السيطرة الهادئة على المواقف.
تعرف على مفهوم التجاهل الذكي في علم النفس، وكيفية استخدامه كاستراتيجية فعالة للسيطرة على السلوكيات السلبية، خاصة لدى الأطفال.
إليك خطوات تطبيقه وأهم فوائده النفسية والاجتماعية بطريقة عملية ومبسطة
ما هو التجاهل الذكي في علم النفس؟
يُعرف التجاهل الذكي أو ما يسمى بـ "التجاهل المخطط" بأنه أسلوب نفسي سلوكي يُستخدم للحد من السلوكيات السلبية غير المرغوب فيها، عبر الامتناع المقصود عن الرد أو التفاعل مع الطرف الآخر عند قيامه بتصرف غير مقبول.
يُعتبر هذا الأسلوب من أكثر الاستراتيجيات فعالية في تعديل السلوك، لأنه يحجب الانتباه الذي غالبًا ما يبحث عنه الشخص الذي يقوم بالسلوك السلبي، مما يقلل من رغبته في تكراره.
و يؤكد علماء النفس أن هذا النوع من التجاهل ليس سلبيًا أو هروبًا من الموقف، بل هو استجابة ذكية ومدروسة تهدف إلى تقويم السلوك بطريقة غير تصادمية، بعكس التوبيخ أو اللوم اللذين قد يعززان السلوك الخاطئ بدلًا من تقليله.
أهمية التجاهل الذكي في العلاقات والتربية
تكمن أهمية التجاهل الذكي في قدرته على كسر دائرة السلوك السيئ دون الدخول في صراع أو جدال.
ويُستخدم هذا الأسلوب على نطاق واسع في مجال تربية الأطفال وإدارة السلوكيات الصفّية في المدارس، حيث يساعد الآباء والمعلمين على توجيه الأطفال نحو السلوك الإيجابي بطريقة هادئة وفعالة.
فعلى سبيل المثال، إذا بدأ الطفل في الصراخ أو إحداث ضوضاء أثناء انشغال والدته بالحديث على الهاتف، فإن تجاهلها التام لتصرفه سيجعله يدرك أن هذا السلوك لن يجذب انتباهها، مما يدفعه تدريجيًا للتوقف عنه.
بينما لو استجابت لغضبه، فسيشعر بأنه نجح في لفت الانتباه، وسيكرر الفعل ذاته مستقبلًا.
كيف تُطبق استراتيجية التجاهل الذكي؟
يُعد تطبيق التجاهل الذكي مهارة تحتاج إلى صبر واتزان عاطفي. إليك الخطوات الأساسية لاستخدامه بنجاح، خاصة مع الأطفال:
1. تجاهل السلوك تمامًا
يجب عدم إظهار أي رد فعل، سواء بالنظر أو التحدث أو الضحك.
فحتى التعليق البسيط قد يُفسَّر كاهتمام ويُشجع على تكرار السلوك.
2. تجنب التواصل البصري أو اللفظي
تصرف وكأن السلوك غير موجود، مع المحافظة على هدوئك وعدم الانفعال، فكل تفاعل بسيط قد يقوِّي السلوك السلبي بدلًا من إضعافه.
3. مغادرة المكان عند الضرورة
في بعض الحالات، يُفضَّل الابتعاد عن الموقف لتأكيد التجاهل الكامل، أو إشغال النفس بنشاط آخر مثل قراءة مجلة أو ترتيب شيء في الغرفة.
4. التوقف عن التجاهل
عند زوال السلوك السلبي فور توقف الطفل أو الشخص عن السلوك غير المرغوب فيه، يجب تقديم تعزيز إيجابي كابتسامة أو كلمة تشجيع، لربط التصرف الجيد بالمكافأة.
5. التحكم في ردود الفعل العاطفية
الشخص الذي يُمارس التجاهل الذكي يحتاج إلى قدر كبير من الصبر، لأن الطرف الآخر قد يُكرر السلوك لاختبار ردة فعلك.
لذلك، الاستمرارية والثبات في التجاهل ضروريان حتى يتم تعديل السلوك فعليًا.
6. عدم استخدام التجاهل في الحالات الخطيرة في حال كان السلوك يتضمن إيذاء الذات أو الآخرين كالضرب أو العض، يجب التدخل الفوري ووقف السلوك دون استخدام التجاهل، مع تهدئة الطفل وشرح الخطأ بلطف.
إقرأ المزيد..وزارة الصحة: الوعي والسلوك الإيجابي درع الوقاية من نوبات الاكتئاب
التجاهل الذكي... بين المرونة والسيطرة
يرى الخبراء أن التجاهل الذكي لا يعني اللامبالاة، بل هو فن في ضبط النفس والتصرف الواعي الذي يمنح صاحبه قوة داخلية وثقة في التعامل مع المواقف الصعبة.
فهو يمنح الشخص القدرة على التحكم في الموقف دون تصعيد، ويُعد من أهم أدوات التربية الإيجابية والعلاقات الصحية سواء في المنزل أو العمل أو الحياة الاجتماعية.
التجاهل الذكي في علم النفس ليس مجرد تجاهل، بل هو استراتيجية نفسية دقيقة تهدف إلى توجيه السلوك بطريقة غير مباشرة.
عندما يُستخدم بوعي وثبات، فإنه يُحدث تحولًا كبيرًا في السلوكيات السلبية، ويعزز الثقة والاحترام المتبادل بين الأفراد.