مناشدة لتسجيل الزي الكهنوتي الأرثوذكسي وتجريم من يرتديه بغير وجه حق

أقباط وكنائس

الزى الكهنوتى
الزى الكهنوتى

شهدت الأوساط الكنسية مؤخرًا دعوات متزايدة بضرورة تسجيل الزي الكهنوتي الأرثوذكسي رسميًا، باعتباره رمزًا روحيًا وكنسيًا أصيلًا، وتجريم أي شخص يرتديه دون أن يكون من رجال الإكليروس المعترف بهم، وأكدت أصوات كنسية وشعبية أن الزي الكهنوتي ليس مجرد ملبس، بل هو علامة واضحة للخدمة المقدسة، ودليل على الانتماء الكنسي الموثّق برسامة شرعية، مشددين على أن استغلاله من قِبل غير المستحقين يُعد إساءة مباشرة للكنيسة وقدسيتها، كما يُعرّض البسطاء للانخداع باسم الكهنوت.

من جانبه قال الدياكون مينا اسعد باحث قبطى، ان الزي الكهنوتي الأرثوذكسي ليس مجرد قطعة قماش أو زي مميز يمكن لأي شخص أن يقتنيه ويرتديه متى شاء، بل هو علامة مقدسة، سرية ورمزية، تدل على أن لابسه قد نال سيامة مقدسة شرعية من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وأنه أُعطي سلطانًا روحيًا بمسحة اليد الرسوليّة. هذا الزي مرتبط بالمذبح والذبيحة والقداس والأسرار، لذلك فإن مجرد العبث به أو انتحال صفته هو اعتداء صارخ على إيمان الكنيسة وعلى نفوس الشعب.

وتابع في تصريحات خاصة "للفجر" لقد شهدنا في السنوات الأخيرة أشخاصًا منتحلين يلبسون هذا الزي ليمارسوا الدجل والتضليل، مرة باسم "إخراج الشياطين"، وأخرى باسم "تأسيس كنيسة جديدة"، وأحيانًا لجمع الأموال من البسطاء تحت ستار القداسة. هؤلاء يضلّون النفوس البسيطة التي ترى في الزي علامة أبوة روحية وامتدادًا للرسل، فيسقطون في فخاخهم، وإن من ينتحل صفة الكاهن قادر على ارتكاب جرائم لا حصر لها تحت ستار القداسة. فقد يستغل ثقة الناس ليأخذ اعترافاتهم الشخصية ويبتزهم بها، أو يجمع أموالًا وتبرعات باسم خدمة الكنيسة ليملأ جيوبه، أو يفرض طقوسًا مشوهة باسم الأسرار المقدسة فيسقط الشعب في نجاسات روحية خطيرة، أو يزرع أفكارًا هدامة تخالف الإيمان القويم. والأسوأ أنه قد يُفسد علاقة الناس بالكنيسة الحقيقية، إذ يظن البسطاء أن ما يمارسه هو ذاته ما تسلّمته الكنيسة من الرسل، فينشأ جيل مشوه العقيدة بعيد عن الإيمان المستقيم.

وأكمل، انتحال الزي الكهنوتي لا يقف ضرره عند حدود الكنيسة، بل يتعدى إلى المجتمع كله. فالذي ينصب باسم الكهنوت يزرع الفتنة بين الناس، ويستغل الدين لهدم الثقة بين المواطنين ومؤسساتهم الدينية، ويحوّل القداسة إلى وسيلة للابتزاز والنصب. ومتى شعر الشعب بأن رموز الدين يمكن أن تُباع وتشترى أو تُنتحل بغير رادع، اهتزت الثقة في القيم الروحية ذاتها. وهذا بدوره يشكل تهديدًا مباشرًا للسلام العام، إذ يُحدث انقسامًا داخليًا، ويخلق حالة من الشك والريبة، ويفتح الباب لاستغلال الدين في الصراعات الطائفية أو المصالح الشخصية.

وكما تمكن الأزهر الشريف من حماية نفسه بقانون واضح صدر عام 2014، فإن من حق الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أن تتمتع بالحماية ذاتها. فقد نصّت المادة (3) من القانون رقم 51 لسنة 2014 الصادر عن المستشار عدلي منصور – رئيس الجمهورية المؤقت آنذاك – على أنه، لا يجوز لأحد غير خريجي الأزهر والعاملين في المجال العلمي أو ادعائه، وطلابها في التعليم الجامعي وما قبل الجامعي، وموظفو وزارة الأوقاف في مجال الدعوة، وموظفو دار الإفتاء في مجال العلم والدعوة، والمخولين بالحديث من وزارة الأوقاف."

وهذا يعني أن الدولة قد أحاطت المؤسسة الأزهرية بسياج قانوني يحميها من الانتحال والفوضى، وهو الأمر نفسه الذي نطالب به لحماية الزي الكهنوتي الأرثوذكسي، رمز الكنيسة القبطية الأقدم في التاريخ.

فمن هنا أطالب بتسجيل الزي الكهنوتي الأرثوذكسي رسميًا ضمن قائمة الأزياء المقنّنة في الدولة، تمامًا كما سُجّل زي الجيش والشرطة، تجريم ومعاقبة أي شخص يرتديه دون سيامة كهنوتية قانونية من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، باعتبار ذلك انتحال صفة وخيانة للثقة العامة، إلزام المؤسسات الإعلامية بعدم السماح لأي شخص بالظهور بهذا الزي دون شهادة معتمدة من الكنيسة تثبت هويته.