هل يجوز التصالح في جريمة الامتناع عن تسليم الميراث؟.. القانون يُجيب بالتفصيل

أوضح قانون المواريث المصري رقم 77 لسنة 1943 والمعدل بالقانون رقم 219 لسنة 2017، أن جريمة الامتناع عن تسليم الميراث تُعد من الجرائم التي يجوز فيها التصالح حتى بعد صدور حكم بات ضد المتهم، وذلك في إطار حرص المشرّع المصري على الحفاظ على النسيج الأسري واستقرار العلاقات العائلية.
ويهدف النص القانوني إلى معالجة الخلافات التي قد تنشأ بين الورثة حول تقسيم التركة، بطريقة تحفظ الحقوق وتمنع تفكك الأسر بسبب النزاعات المالية.
عقوبة الامتناع عن تسليم الميراث وفق القانون المصري
تنص المادة 49 من قانون المواريث على أنه يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من امتنع عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث، أو حجب سندًا يؤكد نصيب أحد الورثة، أو رفض تسليم هذا السند حال طلبه من أي من الورثة الشرعيين.
كما شدد القانون العقوبة في حالة العود (أي التكرار)، لتصل إلى الحبس لمدة لا تقل عن سنة، وذلك ردعًا لكل من يحاول الاستيلاء على حقوق الورثة الشرعيين أو المماطلة في تسليمها.
متى يجوز الصلح في جريمة الميراث؟
أجاز المشرّع المصري الصلح في جريمة الامتناع عن تسليم الميراث في أي مرحلة من مراحل التقاضي، حتى بعد صدور حكم نهائي وبات ضد المتهم، وهو ما يعد استثناءً هامًا في هذا النوع من القضايا.
ويحق لكل من المجني عليه أو ورثته أو وكيلهم الخاص، وكذلك المتهم أو المحكوم عليه أو وكيله الخاص، أن يثبتوا الصلح في هذه الجرائم أمام النيابة العامة أو المحكمة المختصة حسب الأحوال.
ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية حتى لو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر، كما يجوز للنيابة العامة وقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح أثناء تنفيذها.
لكن القانون نص صراحة على أن الصلح لا يؤثر على الحقوق المدنية للمضرور، أي أنه يظل من حق المجني عليه المطالبة بالتعويض أو استرداد نصيبه الشرعي من الميراث.
أركان جريمة الامتناع عن تسليم الميراث
أوضح القانون أن جريمة الامتناع عن تسليم الميراث لا تتحقق إلا بتوافر مجموعة من الأركان الأساسية التي تُثبت الجريمة قانونًا وتمنح المتضرر الحق في اللجوء إلى القضاء.
وتشمل هذه الأركان ما يلي:
- وجود تركة مملوكة للموروث تمثل مصدر الحق في الميراث، وأن تكون هذه التركة تحت يد أحد الورثة أو في حيازته، ثم امتناعه عمدًا عن تسليم الحصة الشرعية للورثة الآخرين رغم مطالبتهم بها رسميًا.
- وفي حال ثبوت هذه الأركان، يحق للورثة المتضررين اتخاذ الإجراءات القانونية التي تكفل حصولهم على حقوقهم وفق القانون، سواء عن طريق النيابة العامة أو من خلال رفع دعوى قضائية مباشرة أمام المحكمة المختصة.
المشرّع يوازن بين الحفاظ على الحقوق واستقرار الأسرة
جاء تعديل قانون المواريث في عام 2017 ليحقق توازنًا دقيقًا بين ردع من يعتدي على حقوق الورثة وإتاحة فرصة الصلح للحفاظ على الروابط الأسرية.
ففي كثير من الحالات، تكون الخلافات حول الميراث ناتجة عن سوء فهم أو نزاع داخلي بين أفراد العائلة، وهو ما دفع المشرّع إلى السماح بالتصالح في هذه الجريمة حتى بعد صدور الحكم النهائي، إذا تم رد الحقوق لأصحابها والتسوية الودية بين الأطراف.
يؤكد القانون المصري أن الامتناع عن تسليم الميراث جريمة يعاقب عليها القانون، لكنها في الوقت ذاته من الجرائم التي يجوز فيها الصلح حفاظًا على الأسرة واستقرار المجتمع.
ويبقى الهدف الأسمى من النص القانوني هو ضمان حصول كل وريث على حقه الشرعي دون نزاع أو خصومة ممتدة، مع تعزيز ثقافة الحلول الودية بين أفراد العائلة بما يتوافق مع مبادئ العدالة والشرع والقانون.