بنات في دائرة الخطر.. كيف غزا "الشابو والأيس" عالم الفتيات؟

تقارير وحوارات

مخدر الشابوة
مخدر الشابوة

لم يعد الادمان حكًرا على الرجال كما كان ُيعتقد في الماضي، فخلال السنوات الاخيرة ظهرت موجة جديدة أكثر خطورة، وهي انجراف عدد متزايد من الفتيات نحو تعاطي المخدرات الُمصّنعة مثل "الشابو" و"اآليس"، التي ُتعد من أخطر أنواع المخدرات تأثيًرا على الجهاز العصبي والعقلي، إذ تؤدي إلى تدمير تدريجي للوعي والادراك وتحول المتعاطي إلى شخص فاقد السيطرة.
يؤكد الدكتور بيشوي صموئيل، الحاصل على دكتوراه مهنية في الصحة النفسية والارشاد الاسرى وعلاج الادمان، وعضو هيئة التدريس بالمعهد القبطي للدراسات النفسية، أن أنماط الادمان تغّيرت في السنوات الاخيرة نتيجة التحوالت الرقمية والانفتاح الاجتماعي، موضًحا أن الفتيات أصبحن يتعرضن لنفس مصادر الخطر التي يواجهها الشباب، مثل مواقع التواصل االجتماعي، العالقات العاطفية غير الامنه، وضغط المظهر والشعور بالوحدة.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن تجار المخدرات بدأوا يستهدفون الفتيات بأساليب خادعة، منها الترويج للمخدر باعتباره وسيلة لتسكين الالم أو لخسارة الوزن والبقاء في حالة من النشاط واليقظة، وغالًبا ما يبدأ طريق اإلدمان عبر عالقة عاطفية أو صديقة مقّربة، وليس بدافع الفضول كما يحدث عند الذكور.
وأشار إلى أن الاسباب النفسية والاجتماعية وراء الإدمان لدى الفتيات متداخلة ومعقدة؛ فالبنت التي تتعرض للخيانة أو الاستغلال أو العنف تفقد شعورها بالامان، ما يدفعها إلى ما ُيعرف بـ "الهروب الكيميائي"، أي اللجوء للمخدر كوسيلة للهروب من الالم النفسي أو جراح المشاعر،  إلى أن كثيًرا من الحاالت تبدأ بتأثير شريك العالقة نفسه، أو نتيجة الإهمال الأسري الذي يخلق فرًاغا عاطفًيا داخلًيا تستغله هذه المواد لتعمل كـ "مسكن نفسي" يعّوض غياب  الحنان.
وأوضح الدكتور صموئيل أن ضغط المظهر على الفتيات أصبح هائًال، إذ تسّوق منصات التواصل الاجتماعي لصورة مثالية عن الجمال والرشاقة، وهو ما يدفع البعض إلى تعاطي مواد مثل "الشابو" و"الأيس" لكونها تقلل الشهية وتزيد النشاط. 

كما تلعب الضغوط الاقتصادية دوًرا في دخول بعض الفتيات إلى دوائر الخطر والعالقات غير الامنة، حيث يتعرضن من خاللها للمخدرات.
وأضاف أن هناك فتيات يعانين من اكتئاب أو قلق أو اضطراب ما بعد الصدمة نتيجة تجارب قاسية مثل التحرش أو الطالق، وبدل اللجوء إلى العالج النفسي، يتجهن إلى المخدر كـ "علاج ذاتي" يفاقم الاضرار النفسية والجسدية. كما أن وسائل التواصل االجتماعي تلّمع صورة الحياة المتحررة وُترّوج للمخدرات كرمز للتمرد، ما يجعل الفتيات فريسة سهلة. 
ويؤكد الخبير النفسي أن الإدمان لدى الفتيات ليس رغبة في اللذة بقدر ما هو هروب من الالم، وغالًبا ما يبدأ من العاطفة أو الضغوط وليس بدافع الفضول كما عند الذكور.

وأشار إلى أن الدولة أولت خلال السنوات األخيرة اهتمًاما خًاصا بعالج السيدات المتعاطيات، إذ أنشأ صندوق مكافحة وعالج الادمان والتعاطي التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، مراكز وبرامج متخصصة للنساء مثل مركز المعادي لعالج السيدات فقط، بالاضافة إلى عيادات متنقلة وخط ساخن (16023 )لتلقي البالغات بسرية تامة، إلى جانب برامج دعم نفسي واجتماعي للمتعافيات بعد العالج.

وُيوضح أن التدخل العالجي يبدأ بتقييم الحالة طبًيا ونفسًيا واجتماعًيا لتحديد نوع المادة ومدى الاعتماد عليها، ثم المرور بمرحلة سحب السموم بأمان، يليها التأهيل النفسي باستخدام برامج مثل العالج المعرفي السلوكي (CBT) والعالج من.(Trauma Therapy) الصدمات.

ويختتم الدكتور صموئيل حديثه بالتأكيد على أن الدولة تتعامل مع الادمان بين السيدات كقضية عالجية وإنسانية وليست وصمة عار، وأن الاتجاه الحالي هو تمكين المرأة المتعافية نفسًيا واقتصادًيا لتستعيد ثقتها بنفسها وتبدأ حياة جديدة أكثر توازًنا.