هل تعتبر كأس أمم إفريقيا 2025 الفرصة الأخيرة الحقيقية لصلاح لانتزاع لقب دولي؟

منذ أكثر من عقد، يواصل محمد صلاح رسم مسيرة كروية استثنائية، جعلته أيقونة مصرية وعربية وعالمية في الوقت ذاته. نجم ليفربول، الذي عرف طريقه إلى قلوب الجماهير بسرعة بفضل أهدافه الحاسمة وأسلوبه المتواضع، يعيش اليوم لحظة مفصلية مع اقتراب كأس أمم إفريقيا 2025. فبين الإنجازات الفردية الهائلة والتتويجات الأوروبية مع فريقه، يبقى سؤال واحد يؤرق جماهير الكرة في مصر: هل تمثل هذه البطولة آخر فرصة حقيقية لصلاح كي يرفع كأسًا دولية مع منتخب بلاده؟
ما هو عمر محمد صلاح؟
من الناحية العمرية، يدخل صلاح البطولة وهو على مشارف عامه الثالث والثلاثين. في عالم كرة القدم، ما زال هذا العمر يسمح للاعب من طينته بالمنافسة على أعلى المستويات، خاصة إذا كان يعتني بلياقته ويملك خبرة تراكمية ضخمة. لكن واقع كرة القدم الإفريقية، بما تحمله من منافسة شرسة وأجيال جديدة صاعدة في كل منتخب، يجعل من هذه البطولة تحديًا مضاعفًا. صلاح يدرك أن الزمن لا يرحم، وأن لحظة المجد الدولي قد لا تأتي أكثر من مرة.
صعوبات في طريق المنتخب المصري
المنتخب المصري، صاحب الرقم القياسي في عدد ألقاب كأس أمم إفريقيا، يعيش منذ سنوات بين مدٍّ وجزر. فقد اقترب أكثر من مرة من التتويج في عهد صلاح، أبرزها في 2017 حين خسر النهائي أمام الكاميرون، وفي 2021 حين سقط بركلات الترجيح أمام السنغال. هذه المشاهد ظلت عالقة في ذهنه وذهن الملايين، حتى أن متابعي كرة القدم والمراهنات عبر منصات مثل 10Bet اعتبروا تلك اللحظات من أكثر المباريات إثارة للجدل في تاريخ البطولة. كل ذلك تحوّل إلى دافع أكبر لاقتناص اللقب هذه المرة، وربما للمرة الأخيرة وهو في قمة عطائه.
بطولة استثنائية في أرض المغرب
لا شك أن البطولة القادمة ستكون استثنائية من جوانب عدة. أولًا لأنها تُقام في المغرب، أحد أبرز معاقل كرة القدم الإفريقية في السنوات الأخيرة، وثانيًا لأنها تأتي في مرحلة انتقالية للعديد من المنتخبات الكبرى مثل الجزائر ونيجيريا وغانا، حيث يُدمج الجيل الذهبي بالمواهب الشابة. وفي المقابل، يعتمد المنتخب المصري بشكل واضح على خبرة صلاح وقيادته، باعتباره القائد الحقيقي داخل وخارج الملعب.
التحديات داخل المنتخب المصري
على الجانب الآخر، يواجه المنتخب المصري تحديات لا يُستهان بها. البنية التكتيكية للمنتخب لم تصل بعد إلى مرحلة الاستقرار التام، كما أن المنافسة في إفريقيا لا تعتمد فقط على المهارة، بل على القوة البدنية والانضباط الدفاعي والقدرة على حسم اللحظات الصغيرة. هنا يأتي دور صلاح في قيادة المجموعة، ليس فقط عبر تسجيل الأهداف، بل أيضًا بتحفيز زملائه ورفع الروح المعنوية في الأوقات الحرجة.
عوامل تجعل البطولة حاسمة
ولفهم أهمية كأس أمم إفريقيا 2025 بالنسبة لصلاح، يمكن النظر إلى مجموعة من العوامل الأساسية:
- العامل العمري: هذه قد تكون البطولة الأخيرة التي يدخلها صلاح وهو في قمة جاهزيته البدنية والفنية.
- التاريخ الشخصي: رغم أرقامه المذهلة مع الأندية، لا يزال سجلّه الدولي يفتقد للقب قاري كبير.
- حالة المنتخب المصري: وجود مجموعة من اللاعبين الشباب الواعدين يمنح المنتخب فرصة حقيقية، إذا ما أُحسن استغلالها.
- الإرث الكروي: الفوز بالبطولة سيُخلّد اسمه في تاريخ الكرة المصرية إلى الأبد، مثل أيام الجيل الذهبي بقيادة أبو تريكة والحضري.
سياق عالمي مختلف
من ناحية أخرى، يجدر التوقف عند السياق العالمي الذي يعيشه صلاح حاليًا. اللاعب الذي اعتاد التتويج مع ليفربول بدوري الأبطال والدوري الإنجليزي، يعلم أن المنافسة على البطولات الأوروبية مع منتخب مصر أمر شبه مستحيل. لذلك تظل كأس أمم إفريقيا هي البطاقة الوحيدة الواقعية أمامه لإضافة لقب دولي ثقيل إلى رصيده. وحتى لو استمر في الملاعب لسنوات أخرى، فإن عامل الجاهزية والانسجام قد لا يتكرر كما هو الحال الآن.
قدرة صلاح على القيادة
كما أن صلاح نفسه يعيش حالة نضج كروي واضحة. لم يعد اللاعب الذي يكتفي بالاعتماد على سرعته ومراوغاته، بل أصبح قائدًا متكاملًا. هذا التحول يمنحه فرصة أكبر للتأثير في مجريات المباريات الكبرى، ويجعله أكثر قدرة على تحمّل المسؤولية حين تشتد الضغوط.
إلى جانب ذلك، فإن بطولة 2025 تضع أمام مصر تحديًا كبيرًا يتمثل في المنتخبات المنافسة. المغرب، صاحب الأرض والجمهور، يعيش أفضل فتراته بعد إنجاز كأس العالم 2022. السنغال بدورها ما زالت تحتفظ بجيل قوي بقيادة ماني وكوليبالي. أما الجزائر، فستدخل البطولة برغبة استعادة بريقها بعد خيبات متكررة. تبدو المنافسة على أشدها، ما يجعل أي لقب يتحقق ذا قيمة مضاعفة.
لماذا قد تكون هذه الفرصة الأخيرة؟
أهم الأسباب التي تجعل كأس أمم إفريقيا 2025 فرصة قد لا تتكرر لصلاح على النحو التالي:
- بلوغ مرحلة النضج الكروي وامتلاك خبرة لا تُقدر بثمن.
- قدرة المنتخب المصري على الدمج بين خبرة الكبار وحماس الشباب.
- تقارب مستويات المنافسة الإفريقية بشكل يمنح الأفضلية للفريق الأكثر انضباطًا وتنظيمًا.
- الدعم الجماهيري والإعلامي الكبير، والذي قد يتحول إلى حافز إيجابي.
اللقب الذي قد يغيّر التاريخ

في النهاية، يمكن القول إن كأس أمم إفريقيا 2025 ليست مجرد بطولة جديدة لصلاح، بل نقطة فاصلة في مسيرته. فإذا رفع الكأس، سيُنظر إليه باعتباره القائد الذي أعاد المجد إلى مصر بعد سنوات طويلة من الانتظار. أما إذا لم يحقق اللقب، فسيبقى السؤال مطروحًا: هل أضاع فرصته الأخيرة للظفر بذهب دولي؟
ومهما كانت الإجابة، سيظل محمد صلاح واحدًا من أعظم اللاعبين في تاريخ الكرة المصرية والعربية، وسيبقى إرثه محفورًا بأهدافه وإنجازاته وروحه القتالية.