مفاوضات شرم الشيخ: اختبار جديد لخطة ترامب لإنهاء حرب غزة

تشهد مدينة شرم الشيخ المصرية خلال الساعات القادمة محطة حاسمة في مسار الجهود الدولية الرامية لإنهاء الحرب على قطاع غزة، حيث من المقرر أن تنطلق غدًا الاثنين جولة مفاوضات جديدة بين وفود من حركة حماس وإسرائيل وقطر والولايات المتحدة، في إطار تنفيذ المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب والتوصل إلى وقفٍ شاملٍ لإطلاق النار.
تحركات ميدانية ومؤشرات أولية
تزامنًا مع التحضيرات السياسية، واصل الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية في القطاع، حيث أسفر القصف المتواصل عن سقوط 11 شهيدًا في مناطق مختلفة، بينهم أربعة من منتظري المساعدات جنوب غزة، إضافة إلى تدمير جامعة الأزهر.
وفي المقابل، عقد رئيس الأركان الإسرائيلي اجتماعًا خاصًا لتقييم الموقف، أوعز خلاله برفع الجاهزية العسكرية لتنفيذ المرحلة الأولى من خطة ترامب، بناءً على توجيهات القيادة السياسية.
خلافات جوهرية حول خريطة الانسحاب ونزع السلاح
حسب القناة الإسرائيلية "كان – ريشيت بيت"، فإن خريطة الانسحاب الإسرائيلي من غزة تمثل إحدى نقاط الخلاف الرئيسة بين الجانبين، إلى جانب ملف نزع سلاح حركة حماس، وربط الأخيرة ملف الأسرى بمكاسب سياسية.
ونقلت تقارير عبرية أن حركة حماس أبدت استعدادًا للإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة، لكنها تطالب بانسحاب الجيش الإسرائيلي إلى خطوط أبعد مما اقترحه ترامب في المرحلة الأولى، مع ضمانات لإنهاء الحرب وانسحاب كامل من القطاع.
تصريحات متضاربة ومواقف متباينة
أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن وقف إطلاق النار في غزة "سيبدأ بعد موافقة حماس"، مضيفًا في حديث لشبكة "سي إن إن" أنه "سيعرف قريبًا ما إذا كانت الحركة جادة".
في المقابل، شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أن إسرائيل لن تبدأ تنفيذ الخطة قبل إطلاق جميع الأسرى الإسرائيليين، مؤكّدًا أن السلطة الفلسطينية لن تحكم غزة بعد الحرب، وأن إسرائيل ستكون طرفًا فاعلًا في عملية نزع سلاح القطاع.
أما حركة حماس، فقد نفت مساء الأحد عبر بيان رسمي ما تداولته بعض وسائل الإعلام حول موافقتها على تسليم السلاح تدريجيًا بإشراف دولي، مؤكدة أن أي تصريحات رسمية تصدر فقط عبر موقعها الرسمي وقناتها على "تلغرام".
دور القاهرة وتأييد عربي واسع
رحبت الخارجية المصرية باستضافة المفاوضات، مؤكدة أن المحادثات ستبحث تفاصيل تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى بين الجانبين.
كما صدر بيان مشترك عن كل من مصر والإمارات والأردن والسعودية وقطر وتركيا وباكستان وإندونيسيا، رحب بخطوات حماس الأخيرة وبمقترح ترامب، معتبرًا أن التطورات الجارية تمثل "فرصة حقيقية لوقف شامل ومستدام لإطلاق النار في غزة"، وأشاد باستعداد الحركة لتسليم إدارة القطاع إلى لجنة فلسطينية انتقالية.
مؤشرات على تقدم محدود
رغم الأجواء التفاؤلية التي حاول ترامب ونتنياهو إظهارها، أفادت تقارير من قناة "كان" وصحيفة "هآرتس" بأن الفجوات لا تزال قائمة بين الجانبين، خصوصًا في الملفات الأمنية والإنسانية، وأن فرص التوصل إلى اختراق حقيقي لم تتأكد بعد.
وتحدث محللون إسرائيليون عن ضبابية المشهد الأمني داخل غزة، وخاصة حول مصير المليشيات المدعومة من إسرائيل، فيما بدأت استعدادات لوجستية لتطبيق المرحلة الأولى من الخطة خلال أيام، حال نجاح مفاوضات شرم الشيخ.
وفود المفاوضات وتفاصيل الحضور
سيترأس خليل الحية وفد حركة حماس، بينما يضم الوفد الإسرائيلي مسؤولين من الموساد والشاباك ومستشارين لنتنياهو.
وأكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن رون ديرمر سيكون رئيس الوفد لكنه سينضم لاحقًا إلى المفاوضات، إلى جانب كوشنر وويتكوف المتوقع وصولهما منتصف الأسبوع لاختتام المباحثات، التي لن تستمر أكثر من ثلاثة أيام، على أن تبدأ بعدها مهلة 72 ساعة لتنفيذ عملية تبادل الأسرى في حال توقيع الاتفاق.
في النهاية تدخل مفاوضات شرم الشيخ اختبارًا صعبًا لخطّة ترامب التي تسعى لإنهاء حرب غزة بعد شهور من الدم والدمار، وسط تضارب المواقف، وحسابات سياسية متشابكة بين إسرائيل وحماس والولايات المتحدة.
ورغم التصريحات الإيجابية، تبقى خريطة الانسحاب ونزع السلاح وضمانات ما بعد الحرب العُقد الأبرز التي قد تحدد مصير الخطة الأمريكية ومآلاتها خلال الأيام القليلة المقبلة.