في ذكرى نصر أكتوبر.. كيف تحولت الرياضة المصرية إلى جبهة دعم وسلاح خداع؟

بث مباشر

بوابة الفجر

لم تكن الرياضة المصرية يومًا مجرد تسلية أو منافسة داخل المستطيل الأخضر، بل كانت في حرب السادس من أكتوبر عام 1973 جزءًا من المعركة وسلاحًا خفيًا ضمن خطة الخداع الاستراتيجي التي حيّرت العدو الإسرائيلي، وأسهمت في تحقيق النصر المجيد.

ففي الوقت الذي كانت فيه قواتنا المسلحة تستعد للعبور واستعادة الأرض، كانت الصحف المصرية تمارس دورها الوطني بإتقان، فتملأ صفحاتها بالأخبار الرياضية وتحليلات المباريات وكأن الأوضاع تسير بشكل طبيعي، لإبعاد الأنظار عن أي تحرك عسكري.

صدرت مانشيتات الصحف يوم الخامس من أكتوبر بعناوين عن مفاوضات الأهلي مع المدرب المجري ناندور هيديكوتي، وعودة نجم الزمالك حسن شحاتة من الكويت، في مشهد كان جزءًا من أكبر عملية تضليل إعلامي عرفها التاريخ الحديث.

وفي السادسة من أكتوبر، وبينما كانت قوات مصر الباسلة تعبر قناة السويس وتقتحم خط بارليف، كانت جماهير الكرة تتابع مباراة غزل المحلة والطيران في الدوري الممتاز على ملعب الترسانة.

لم يدرك أحد أن هتافات “الله أكبر” التي دوّت في المدرجات لم تكن لتشجيع فريق بعينه، بل كانت فرحة بانتصارات الجيش المصري بعد سماع البيان الأول للقيادة العامة عبر الإذاعة.

ورغم محاولات الحكم إلغاء المباراة، أصرّ اللاعبون على استكمالها احترامًا للجماهير، فانتهت بالتعادل الإيجابي لتُسدل الستار على آخر مباراة في الدوري قبل قرار الاتحاد المصري بإيقاف المسابقة بالكامل للمشاركة في معركة الوطن.

لم يكن دور الأندية مقتصرًا على التشجيع أو المتابعة، بل تجاوز ذلك إلى فتح مقراتها أمام الجيش والفدائيين للتدريب، حيث أطلق الأهلي حملة للتبرع بالدم، وشارك الزمالك في دعم الفرق العسكرية واستضافة لاعبي الإسماعيلي للتدريبات.

كما ارتدى عدد من نجوم الرياضة الزي العسكري وشاركوا بأنفسهم في القتال، من بينهم الجنرال محمود الجوهري الذي خدم في سلاح الإشارة، والثعلب الكبير حمادة إمام الذي شارك ضابطًا في المعركة، والمعلق الشهير محمود بكر الذي كان ضمن قوات الاستطلاع، فضلًا عن عبده أبو حسين نجم المصري البورسعيدي الذي استُشهد دفاعًا عن أرض الوطن.

لقد أثبتت الرياضة المصرية في تلك اللحظة التاريخية أنها ليست مجرد منافسة على لقب، بل رمز للانتماء والتضحية، وجزء من الروح الوطنية التي جعلت من أكتوبر ملحمة لا تُنسى.

فمن الملعب إلى الميدان، ومن الهتاف إلى النصر، كانت الرياضة المصرية في قلب المعركة، تخدع العدو وتدعم الجبهة وتوحّد الشعب على هدف واحد: النصر.