من الملاعب إلى الميدان.. حكاية أبطال خلعوا الزي الرياضي وشاركوا في نصر أكتوبر

في الذكرى الـ52 لنصر أكتوبر المجيد، لا تقتصر صفحات البطولة على أسماء القادة والجنود فحسب، بل تمتد لتشمل رموز الرياضة المصرية الذين خلعوا بزاتهم الرياضية وارتدوا الزي العسكري، ليشاركوا في معركة العزة والكرامة، حاملين في قلوبهم روح الفوز، ولكن هذه المرة في ميدان الحرب لا الملاعب.
فقد تحولت الكرة إلى بندقية، والملعب إلى ساحة قتال، والخطط التكتيكية إلى خطط عسكرية تُنفذ على أرض المعركة، ليكتب نجوم الرياضة المصرية فصلًا مشرفًا من تاريخ الوطن، ويثبتوا أن روح الانتصار واحدة، سواء جاءت من مدرجات الجماهير أو من خنادق القتال.
من أبرز هؤلاء الأبطال، الجنرال الراحل محمود الجوهري، أحد أعظم من مروا بتاريخ الكرة المصرية، والذي شارك في الحرب ضابطًا برتبة مقدم في سلاح الإشارة، وبعد انتهاء مهمته العسكرية، ترك المستطيل الأخضر لاعبًا ليعود إليه مدربًا، فيقود منتخب مصر إلى مونديال 1990 بإيطاليا.
كما برز اسم محمود بكر، نجم النادي الأوليمبي والمعلق الرياضي الشهير، الذي حمل رتبة نقيب في سلاح الاستطلاع بقوات المشاة، وشارك في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر، قبل أن يتدرج في الخدمة حتى رتبة عقيد، ويُمنح لاحقًا قلادة النيل تقديرًا لدوره الوطني.
ولم يكن سمير زاهر، الرئيس الأسبق لاتحاد الكرة المصري، بعيدًا عن الميدان، فقد شارك مقاتلًا في حربي الاستنزاف وأكتوبر، تمامًا كما فعل اللواء محمد عبد العزيز قابيل، أحد رموز الزمالك الذي كان قائدًا للفرقة الرابعة المدرعة أثناء الحرب، قبل أن يتولى لاحقًا مناصب رياضية بارزة.
أما الثعلب الكبير حمادة إمام، نجم الزمالك ومنتخب مصر، فقد خاض معركة الوطن ضابطًا بالقوات المسلحة، مشاركًا في حرب أكتوبر المجيدة قبل أن يُحال إلى المعاش برتبة عقيد، كذلك قدم صبري سراج، لاعب كرة اليد بالزمالك، نموذجًا للتضحية، إذ فقد ذراعه أثناء مشاركته في الدفاع الجوي ضمن الجيش الثالث الميداني.
وقد ارتوت أرض سيناء بدماء الرياضيين الشهداء أيضًا، ومن بينهم عبده أبو حسين، لاعب النادي المصري البورسعيدي، الذي استُشهد أثناء مشاركته في القتال، ليبقى اسمه شاهدًا على أن روح الفداء لا تعرف ملعبًا بعينه.
وشارك في الحرب كذلك عدد من الحكام والرياضيين البارزين، مثل اللواء حسام طه، الحكم الدولي السابق، الذي خدم في سلاح الإمداد والتموين، وعادل علام، الحكم الدولي الذي كان ضابطًا في سلاح الإشارة.
وضم سجل المشاركين أيضًا أسماء لامعة في الوسط الرياضي والعسكري، منهم اللواء أركان حرب مصطفى كامل، محافظ بورسعيد السابق وبطل الخماسي الحديث في بطولة هلسنكي 1957، والفريق زاهر عبد الرحمن، رئيس نادي الزهور، واللواء أركان حرب محمد فريد حجاج، نائب رئيس اتحاد كرة اليد الأسبق، واللواء منير ثابت، عضو اللجنة الأولمبية الدولية، الذي شارك ضمن قوات سلاح الطيران أثناء الحرب.
لقد كانت حرب أكتوبر معركة أمة بأكملها، شارك فيها الجندي والعامل والفنان والرياضي، ليصنعوا معًا ملحمة وطنية خالدة تُجسّد وحدة المصريين حين يتحدث النداء باسم الوطن.