فيضانات النيل تهدد الأراضي والمساكن… وإثيوبيا تواجه انتقادات القاهرة
مصر تحذر من كارثة فيضانية مع استمرار تصرفات إثيوبيا في سد النهضة

دخلت محافظتا المنوفية والبحيرة في دائرة الخطر، وسط تحذيرات متزايدة من خبراء مصريين بشأن تداعيات غياب التنسيق بين دول المصب في إدارة مياه نهر النيل، بعد ارتفاع ملحوظ في منسوب المياه خلال الأسابيع الأخيرة.
وشهدت قرية في محافظة المنوفية، شمال مصر، غرق عدد من المنازل وغمر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، في ظاهرة أعادت المخاوف بشأن تأثيرات الفيضان الموسمي، واحتمالات تفاقمها مع استمرار ارتفاع المنسوب.
وتُعزى هذه التطورات إلى تدفق كميات كبيرة من المياه عبر النهر، ما أثار قلقًا رسميًا وشعبيًا من تعرض مزيد من المناطق الزراعية والمساكن القريبة من مجرى النهر للغرق، خاصة في الأراضي المعروفة بـ "طرح النهر"، وهي أراضٍ منخفضة تقع ضمن الحرم الطبيعي للمجرى، وتُعد مناطق محمية مائيًا يمنع البناء أو الزراعة الدائمة فيها. ومع ذلك، استغل بعض السكان هذه الأراضي في الزراعة الموسمية أو البناء غير الرسمي.

تحذيرات حكومية وإخلاءات عاجلة
وخلال مؤتمر صحفي الخميس، حذّر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي من استمرار ارتفاع منسوب المياه حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول الجاري، داعيًا إلى الإخلاء الفوري للمنازل والأراضي الواقعة ضمن نطاق "طرح النهر"، لا سيما في المناطق التي شهدت تعديات بالبناء المخالف.
وفي أعقاب التحذيرات، أصدرت السلطات المحلية في محافظة المنوفية نداءً عاجلًا للمزارعين والسكان المقيمين على ضفاف النهر بضرورة إخلاء المناطق المهددة بالغمر، بعد رصد ارتفاع مقلق في منسوب المياه بفرع النيل، وهو ما دفع بعض الأهالي لاستخدام قوارب التنقل بعد غمر أراضيهم.
أوضاع السكان في المناطق المتضررة
وتحدثت مصادر محلية لبي بي سي عن أن التوسع العمراني في أراضي "طرح النهر" بدأ قبل أكثر من عقدين، عندما شهد النهر انخفاضًا في المنسوب، مما منح السكان شعورًا بالأمان، قبل أن تعود المخاطر تدريجيًا في السنوات الأخيرة.
وقال ناصر أبو طالب، وكيل وزارة الزراعة في محافظة المنوفية، لبي بي سي إن نحو 1084 فدانًا من الأراضي الزراعية تأثرت بارتفاع المنسوب، مشيرًا إلى أن "هذه الأراضي غير صالحة للبناء أو الزراعة الدائمة، لطبيعتها المنخفضة والمعرضة سنويًا للغمر".
من جانبها، حملت وزارة الموارد المائية والري المصرية إثيوبيا مسؤولية تدهور الأوضاع، متهمة إياها باتباع "تصرفات أحادية متهورة" في إدارة سد النهضة، واصفة هذه التصرفات بأنها مخالفة للقانون الدولي وتمثل "تهديدًا مباشرًا لأمن شعوب دول المصب".
وأشارت الوزارة إلى أن أديس أبابا كان يفترض بها تخزين المياه تدريجيًا من يوليو/تموز إلى أكتوبر/تشرين الأول، ثم تصريفها بشكل منظم، بدلًا من عمليات التفريغ المفاجئ التي تتسبب في فيضانات مفاجئة.
إلى أين تتجه الأزمة؟
مع تزايد تأثيرات التغير المناخي، واستمرار الخلافات الفنية والسياسية بين القاهرة وأديس أبابا، تبقى أزمة مياه النيل واحدة من أبرز التحديات الاستراتيجية التي تواجهها مصر.
ويرى مراقبون أن غياب اتفاق قانوني شامل وملزم بشأن إدارة وتشغيل سد النهضة يترك دول المصب عرضة لمخاطر متكررة، سواء في مواسم الفيضان أو فترات الجفاف. وفي ظل هذا الوضع، تتزايد الدعوات لاستئناف المفاوضات تحت مظلة دولية، بهدف التوصل إلى إطار تعاوني يوازن بين الحقوق المائية لجميع الأطراف، ويقلل من كلفة النزاعات المائية في المنطقة.