تتقاطع مع مشهد دولي يجمع حماس وترامب لأول مرة.. ماذا تعني تصريحات قائد فيلق القدس الإيراني الأخيرة؟

في لحظة سياسية تتسم بالتعقيد الشديد، وبينما يتابع العالم تطورات الموقف بين حركة "حماس" والرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن مقترح وقف الحرب في غزة، خرج العميد إسماعيل قاآني، قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، بتصريحات جديدة حول عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حماس في 7 أكتوبر 2023. هذه التصريحات، التي جاءت قبل ساعات، عبر مقابلة مع "إذاعة الجمهورية الإسلامية الإيرانية 1"، أعادت إلى الأذهان خلفيات العملية التي قلبت موازين الصراع، وألقت بظلالها على النقاشات الجارية حاليًا حول مستقبل غزة.
قاآني يكشف خلفيات "طوفان الأقصى"
حسب ما نقل موقع وكالة سبوتنيك الروسية، أكد قاآني أن العملية لم تكن عشوائية أو ارتجالية، بل جرى التخطيط لها بدقة في لبنان، تحت إشراف مباشر من الأمين العام الراحل لحزب الله حسن نصر الله، معتبرًا أن "طوفان الأقصى" كان واجبًا دينيًا وإلهيًا دفاعًا عن الشعب الفلسطيني. وأوضح أن عنصر المفاجأة كان أحد أهم عوامل نجاحها، إذ لم يكن حتى قادة الصف الأول على علم مسبق. وأشار إلى أن إسماعيل هنية، القيادي الراحل في حماس، كان على وشك السفر حين وصله خبر انطلاق العملية فعاد أدراجه، وهو ما اعتبره دليلًا على السرية المحكمة والانضباط التنظيمي.
اتهام لإسرائيل باستخدام أسلحة محظورة
في حديثه، اتهم قاآني إسرائيل باستخدام مواد كيميائية في عملية اغتيال حسن نصر الله، مؤكدًا أن عدة دول دعمت تل أبيب في معاركها ضد حزب الله، لكن رغم ذلك لم تتمكن القوات الإسرائيلية من التوغل أكثر من كيلومترين في الجنوب اللبناني. واعتبر أن ما جرى أظهر محدودية القدرات الإسرائيلية أمام تصميم فصائل المقاومة.
خطوة أمريكية موازية: ترامب ينشر بيان حماس
بالتوازي مع هذه التصريحات، اتجهت الأنظار نحو واشنطن حيث فاجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجميع بنشر بيان حركة حماس على منصته "تروث سوشيال"، قبل أن يعيد نشره على "إكس". هذه الخطوة غير المسبوقة فسرت على أنها إقرار من الإدارة الأمريكية بجدية موقف حماس، خاصة بعد إعلان الحركة موافقتها على إطلاق جميع الأسرى الإسرائيليين، أحياء وجثامين، وفق صيغة التبادل التي تضمنها مقترح ترامب.
قبول مشروط من حماس
في بيانها الرسمي، أوضحت حماس أنها أجرت مشاورات واسعة مع فصائل فلسطينية ووسطاء إقليميين ودوليين قبل تسليم ردها. وأكدت أنها مستعدة للتفاوض على تفاصيل إطلاق الأسرى عبر الوسطاء، كما جددت استعدادها لتسليم إدارة قطاع غزة لهيئة فلسطينية من المستقلين (تكنوقراط) وفق توافق وطني. غير أنها شددت في المقابل على أن القضايا المتعلقة بمستقبل غزة وحقوق الشعب الفلسطيني يجب أن تُناقش في إطار وطني فلسطيني جامع، لا بقرارات منفردة.
الموقف الإسرائيلي وردود الفعل
في إسرائيل، تابعت وسائل الإعلام التطورات بكثافة، حيث وصفت صحيفة "معاريف" موقف حماس بأنه "نعم ولكن"، في إشارة إلى قبولها المبادرة مع التحفظ على بعض النقاط. ورغم أن الحكومة الإسرائيلية التزمت الصمت الرسمي، إلا أن الاهتمام الإعلامي انصب على موافقة حماس على إطلاق الأسرى، وهو الملف الأكثر حساسية بالنسبة للرأي العام الإسرائيلي.
بينما كانت واشنطن تتحدث عن "سلام دائم" وتفاوض عبر الوسطاء، تبرز تساؤلات حول هذا الموقف الإيراني:
هل تسعى طهران، بتصريحات أحد قادة أفرُعِها “إسماعيل قاآني” التذكير بأن "طوفان الأقصى" مثل تحولًا استراتيجيًا في الصراع مع إسرائيل، وأن التخطيط له ارتبط مباشرة بدور قيادات إقليمية بارزة مثل نصر الله، أم أنَّ هذا التوازي بين خطاب المقاومة وخطاب تسوية ترامب - حماس، يعكس تناقض ربما نلمسه في مشهد دولي قادم؟
لكن وإن كانت إيران تنفي عن نفسها علمها المسبق بموقف حماس منذ عامين، فإنَّ أيّامًا وربما ساعات قادمة تكشف المزيد.