عاجل - صناعي مفتعل.. الفيضان يكشف خطورة الإدارة الأحادية للسد الإثيوبي

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

في تطور جديد يعكس خطورة الإدارة الأحادية لسد النهضة الإثيوبي، أصدرت وزارة الموارد المائية والري بيانًا رسميًا أكدت فيه أن ما شهدته دولتا المصب – السودان ومصر – خلال شهر سبتمبر 2025 من تقلبات مفاجئة في منسوب نهر النيل، لم يكن ناتجًا عن الفيضان الطبيعي المعتاد، وإنما جاء نتيجة تصرفات غير منضبطة من الجانب الإثيوبي الذي سعى إلى استغلال المياه في استعراض سياسي بعيدًا عن القواعد الفنية المتعارف عليها في إدارة السدود الكبرى.

فيضان غير طبيعي

أوضحت الوزارة أن مياه النيل تنبع من ثلاثة روافد رئيسية: النيل الأبيض، النيل الأزرق، ونهر عطبرة، وأن فيضان النيل الأزرق عادة ما يمتد من يوليو وحتى أكتوبر مع بلوغ ذروته في أغسطس. غير أن المشهد هذا العام بدا مختلفًا، إذ قامت إثيوبيا بتخزين كميات كبيرة من المياه في توقيت غير مناسب ثم تصريفها بصورة مفاجئة، ما أحدث ما وصفته الوزارة بـ "فيضان صناعي مفتعل" في سبتمبر، أي بعد الموعد الطبيعي للفيضان.

استعراض سياسي على حساب الشعوب

البيان أشار إلى أن مشغلي السد الإثيوبي خفضوا التصريفات المائية في 8 سبتمبر إلى نحو 110 ملايين متر مكعب يوميًا، مقارنة بنحو 280 مليون متر مكعب في الأيام السابقة، وذلك تمهيدًا للوصول إلى منسوب 640 مترًا فوق سطح البحر وفتح بوابات السد خلال ما سُمّي "احتفال افتتاح السد" في 9 سبتمبر 2025.
وبعد يوم واحد فقط من الاحتفال، عمدت إثيوبيا إلى تصريف كميات هائلة بلغت 485 مليون متر مكعب في يوم واحد، لتتوالى بعدها زيادات مفاجئة وصلت إلى 780 مليون متر مكعب يوم 27 سبتمبر، قبل أن تنخفض إلى 380 مليون متر مكعب في 30 سبتمبر. هذه التصرفات غير المنتظمة عكست – حسب الوزارة – غياب المسؤولية والشفافية، وسعي الجانب الإثيوبي إلى تسجيل "لقطة إعلامية" دون مراعاة لمصالح شعوب دول المصب.

خسائر فادحة في السودان

الوزارة لفتت إلى أن هذه التصرفات الأحادية تزامنت مع تأخر الأمطار داخل السودان وارتفاع إيراد النيل الأبيض، ما أدى إلى التقاء كميات ضخمة من المياه أغرقت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وغمرت قرى سودانية عدة.
سد الروصيرص السوداني، بسعته التخزينية المحدودة، لم يكن أمامه سوى تمرير أغلب هذه الكميات للحفاظ على أمانه الإنشائي، وهو ما فاقم من حجم الأضرار. ووفقًا لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، فقد تكبدت السودان خسائر إنسانية ومادية جسيمة نتيجة "الفيضان الصناعي".

تحذيرات مصر المتكررة

البيان أكد أن مصر سبق وأن حذرت مرارًا من خطورة وجود سد بسعة تخزينية تصل إلى 74 مليار متر مكعب يتم تشغيله دون اتفاق قانوني ملزم ودون قواعد واضحة لتقاسم المعلومات. وأشارت الوزارة إلى أن هذه العشوائية في الإدارة تمثل تهديدًا دائمًا سواء في أوقات الجفاف أو الفيضانات.

إدارة مصرية دقيقة للأزمة

في المقابل، شددت الوزارة على أن مصر تدير مواردها المائية بكفاءة عالية اعتمادًا على الرصد اللحظي والتنبؤات الهيدرولوجية. حيث يتم ضبط التصرفات المائية وفقًا لاحتياجات الزراعة وتوليد الكهرباء وحماية البلاد من الفيضانات، مع الاستعانة بالسد العالي ومفيض توشكى كضمانة أساسية لحماية الأمن المائي.
وأضافت أن إجراءات استباقية اتُخذت منذ 7 سبتمبر، حيث خُوطب المحافظون لتحذير المواطنين من احتمالية ارتفاع المناسيب وضرورة حماية ممتلكاتهم خاصة في أراضي طرح النهر، التي تعد جزءًا من المجرى الطبيعي ومعرضة للغمر عند زيادة التصرفات.

التعديات على مجرى النيل

الوزارة أوضحت أن ما يُتداول على بعض المنصات تحت عنوان "غرق المحافظات" هو وصف غير دقيق، إذ يقتصر الغمر على أراضي طرح النهر فقط، والتي تم التعدي عليها بزراعات أو مبانٍ غير قانونية. وأكدت أن هذه التعديات تقلل من القدرة التصريفية للنهر وتؤثر سلبًا على وصول المياه لعشرات الملايين من المواطنين.

طمأنة للمواطنين

واختتمت وزارة الموارد المائية والري بيانها بالتأكيد على أن الدولة المصرية تتابع الموقف المائي على مدار الساعة، وأن السد العالي بإمكاناته التخزينية يمثل خط الدفاع الأول ضد أي تقلبات مفاجئة. كما طمأنت المواطنين بأن إدارة المياه في مصر تتم بصورة مدروسة ودقيقة، بما يكفل تلبية الاحتياجات المائية وحماية الأرواح والممتلكات من أي تهديد ناجم عن الإدارة الأحادية للسد الإثيوبي.