الأذى النفسي.. جرح صامت يهدد المجتمع
الأذى النفسي.. جرح صامت يهدد المجتمع

في وقت تتزايد فيه التحديات الحياتية وضغوط العصر يبرز الأذى النفسي كواحد من أخطر القضايا التي تواجه الأفراد والمجتمعات.
فبينما يمكن للجروح الجسدية أن تلتئم مع مرور الوقت، تبقى الجروح النفسية أعمق وأطول أثرا وقد تمتد تبعاتها لسنوات، دون أن يلتفت إليها أحد.
تعريف الأذى النفسي
يعرف الأذى النفسي بأنه كل فعل أو قول أو سلوك سلبي يترك أثرًا عاطفيًا أو ذهنيًا عميقًا على الفرد، بحيث يؤثر على صحته النفسية وسلوكه الاجتماعي.
وقد يتخذ هذا الأذى صورًا متعددة، من بينها:
- الإهانات المتكررة والاستهزاء.
- التقليل من القدرات الشخصية والاستخفاف بالإنجازات.
- العزلة والإهمال العاطفي.
- التهديد النفسي أو التلاعب بالمشاعر.

الأذى النفسي أخطر من الأذى الجسدي
يرى الخبراء أن الأذى النفسي يفوق في خطورته الأذى الجسدي، نظرًا لأنه غير مرئي ويصعب ملاحظته.
وفي هذا السياق، تقول قالت فايزا أحمد اخصائية علم النفس: "الأذى النفسي قد يدمّر حياة الإنسان من الداخل فهو يُفقده ثقته بنفسه، ويزيد من احتمالية إصابته بالقلق والاكتئاب، كما يخلق فجوة كبيرة بينه وبين المجتمع المحيط به".
وأضافت: أن المجتمع العربي ما زال يفتقر إلى الوعي الكافي بخطورة هذا النوع من الأذى، حيث يتم التعامل معه في كثير من الأحيان باستهانة، على الرغم من كونه يترك آثارًا قد تصل إلى الانتحار في الحالات القصوى.
الأعراض والعلامات التي تدل على تأثير الفرد نفسيا
يشير المختصون إلى أن هناك مجموعة من الأعراض التي قد تدل على تعرض الفرد للأذى النفسي، ومنها:
- الانطواء والعزلة الاجتماعية.
- فقدان الرغبة في ممارسة الأنشطة اليومية.
- اضطرابات النوم والأرق.
- تراجع الأداء الدراسي أو العملي.
- مظاهر جسدية مثل الصداع وفقدان الشهية.
الجانب الاجتماعي للأذى النفسي
لا يقتصر الأذى النفسي على التأثير في الفرد وحده بل يمتد إلى المجتمع ككل. فالشخص الذي يتعرض للإهانة أو الإهمال النفسي يصبح أكثر عرضة لفقدان الانتماء والاندماج الاجتماعي، مما يضعف الروابط الأسرية والمجتمعية.
كما أن استمرار هذه الممارسات يولد أجيالًا تعاني من اضطرابات عاطفية وسلوكية.
حلول مقترحة للحد من الأذى النفسي
- التوعية المجتمعية: ضرورة نشر الوعي عبر وسائل الإعلام ومؤسسات التعليم بأهمية احترام المشاعر وتجنب السخرية والإهانة.
- الدعم النفسي: توفير مراكز متخصصة للدعم النفسي بأسعار مناسبة، مع تعزيز دور الاستشارات النفسية في المدارس والجامعات.
- سن قوانين رادعة: وضع تشريعات لمكافحة التنمر الإلكتروني والمضايقات النفسية في بيئات العمل والمؤسسات التعليمية.
- تشجيع الحوار الأسري: تعزيز التواصل الإيجابي داخل الأسرة، باعتبارها البيئة الأولى لحماية الأفراد من الأذى النفسي.
يبقى الأذى النفسي قضية إنسانية بامتياز، تحتاج إلى تعامل جاد من قبل الأفراد والمؤسسات.
فالمجتمع الذي يستهين بالمشاعر الإنسانية ويعتبر الألم النفسي ضعفًا، يساهم في نشر معاناة صامتة بين أفراده.
والحل يبدأ من الاعتراف بأن الأذى النفسي حقيقة ملموسة لا تقل خطورة عن أي مرض آخر وأن مواجهته ضرورة لحماية الأجيال المقبلة.