العقل هبة من الله للإنسان فيجب الحفاظ عليها
حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية

العقل أمانة ومسؤولية شرعية
أكد الشيخ محمود الطحان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن العقل يمثل أعظم نعم الله على الإنسان، وهو أمانة كبرى يجب الحفاظ عليها. وأوضح خلال لقائه في برنامج "مع الناس" المذاع عبر قناة "الناس"، أن حماية العقل تتحقق من جانبين رئيسيين: جانب مادي وجانب معنوي.
فالجانب المادي يشمل الابتعاد عن كل المحرمات التي تضعف الفكر وتفسد الإدراك، مثل الخمور والمخدرات وما شابهها، بينما يتمثل الجانب المعنوي في الابتعاد عن الأفكار المنحرفة والمتطرفة التي قد تؤدي إلى تضليل الإنسان وإبعاده عن طاعة الله.
دور العلماء في صون العقول من الانحراف
وشدد الطحان على أن الرجوع إلى أهل العلم والاختصاص في القضايا الدينية والفكرية من أهم طرق الحفاظ على العقل، حيث يضمن ذلك الابتعاد عن المعلومات المغلوطة أو المضللة التي قد تفتح باب التطرف أو التشدد. وأكد أن الإنسان محاسب أمام الله على ما يُدخل إلى عقله من أفكار، وبالتالي فإن الالتزام بالعلم الصحيح يعصمه من الانحراف ويحفظ له صفاء عقله وقوة إيمانه.
تكريم الله للإنسان عبر الوحي والشرائع
وأشار أمين الفتوى إلى أن مظاهر تكريم الله للإنسان عديدة، أهمها إرسال الرسل والأنبياء لتعليم البشرية كيفية عبادة الله وتنفيذ أوامره. وأوضح أن العبادات – مثل الصلاة والزكاة والصيام والحج – معقولة من حيث المعنى لأنها تعبر عن خضوع العبد لخالقه، لكنها في الوقت ذاته محددة في وصفها وأدائها عبر الوحي والشرع الشريف.
وشدد على أن المسلم لا يجوز له أن يعبد الله وفق هواه الشخصي، بل لا بد أن يلتزم بما شرعه الله في كتابه وسنة نبيه، مؤكدًا أن مواقيت الصلاة وصيام رمضان وأداء الحج كلها أحكام شرعية ثابتة لا تقبل التغيير أو التبديل.
https://youtu.be/vQNNzXTvj2U?si=mnggB0z4ue5eIaGW
التقوى المعيار الحقيقي لقيمة العقل
وفي السياق نفسه، أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، أن التقوى هي المعيار الحقيقي لقيمة الإنسان وعقله، مبينًا أن الذكاء والحنكة والفطنة لا قيمة لها إذا لم توصل صاحبها إلى طاعة الله والقرب منه.
واستشهد داود بقوله تعالى: "واتقونِ يا أولي الألباب"، موضحًا أن العقل الراجح هو الذي يثمر تقوى حقيقية، بينما الذكاء المجرد إذا خلا من التقوى قد يصبح سببًا في شقاء صاحبه وإفساد المجتمع. وأضاف قائلًا: "لا تقل إنك صاحب عقل أو ذكاء ما دمت لا تتقي الله، فما قيمة العقل إذا لم يكن سبيلًا إلى رضا الله؟"
قيمة الإنسان في تقواه لا في منصبه أو نسبه
وأشار رئيس جامعة الأزهر إلى أن قوله تعالى: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" يضع مقياسًا عادلًا وواضحًا لتقييم البشر، فالقيمة الحقيقية لا تقاس بالمنصب أو المال أو الذكاء المجرد، وإنما بالتقوى التي تمثل ثمرة العقل السليم.
وأضاف أن المفسر الزمخشري قال في تفسيره: "من لم يتق الله من أولي الألباب فكأن لا لب له"، موضحًا أن العقل لا يكتمل إلا إذا أثمر تقوى تقود صاحبه إلى الخير في الدنيا والفوز في الآخرة.
رسالة مشتركة: العقل والتقوى طريق النجاة
وخلصت كلمات كل من الشيخ محمود الطحان والدكتور سلامة داود إلى أن العقل والتقوى وجهان لعملة واحدة، فالعقل السليم يقود إلى عبادة صحيحة، والتقوى هي التي تحفظ للعقل قيمته ومعناه. وأكدا أن حماية العقل وصيانته من الانحرافات المادية والفكرية، والالتزام بالتقوى في السلوك والعبادة، هما السبيل الحقيقي لصون الإنسان وتكريمه كما أراد الله عز وجل.