احتجاجات الشباب تهز المغرب.. بين طموحات "جيل زد 212" وغضب الشارع من الإنفاق الحكومي

تقارير وحوارات

احتجاجات الشباب في
احتجاجات الشباب في المغرب - الفجر

 

شهدت المملكة المغربية منذ أواخر سبتمبر 2025 موجة احتجاجات شبابية واسعة قادها ما يُعرف بـ "جيل زد 212"، وهي حركة شبابية غير مركزية تضم فئة واسعة من مواليد منتصف التسعينات وبداية الألفية الجديدة.

وخرج هؤلاء الشباب إلى الشوارع في مدن كبرى مثل الرباط، الدار البيضاء، وطنجة، للمطالبة بإصلاحات اجتماعية واقتصادية عاجلة، وسط انتقادات حادة للسياسات الحكومية التي ركزت على مشاريع رياضية ضخمة، في وقت يعاني فيه المواطن من تدهور في الخدمات الأساسية.

مطالب الشباب.. إصلاح التعليم ومحاربة الفساد

رفع المحتجون شعارات تدعو إلى تحسين جودة التعليم وتوفير فرص عمل للشباب، إلى جانب إصلاح قطاع الصحة الذي يشهد تراجعًا في مستوى الخدمات، كما شددوا على ضرورة مكافحة الفساد المالي والإداري وتعزيز الشفافية في إدارة المال العام.
وأشار المحتجون إلى أن الإنفاق الحكومي الكبير على استضافة بطولتي كأس الأمم الإفريقية 2025 وكأس العالم 2030 تم على حساب قطاعات حيوية تمس حياة المواطن اليومية، معتبرين ذلك "هدرًا للأموال العامة" في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.

تصاعد التوترات وتدخل أمني قوي

في البداية، اتسمت الاحتجاجات بالسلمية، إلا أنها تحولت لاحقًا إلى مواجهات محدودة مع قوات الأمن في بعض المدن، تخللها استخدام للقوة واعتقالات طالت عددًا من الناشطين. هذا التصعيد زاد من حالة الاحتقان الشعبي، خاصة في ظل استمرار الفيضانات التي أثرت على مناطق واسعة وأثقلت كاهل الاقتصاد الوطني.

الحكومة بين الحوار والتأجيل

من جانبها، أعلنت الحكومة المغربية استعدادها لفتح قنوات حوار مع الشباب المحتجين، متعهدة بإطلاق حزمة إصلاحات اقتصادية واجتماعية لتحسين أوضاع التعليم والصحة وفرص العمل.
إلا أن البطء في تنفيذ هذه الوعود أدى إلى استمرار التظاهرات، في ظل شعور متنامٍ لدى الشباب بالإحباط وغياب الثقة في قدرة الحكومة على إحداث التغيير المنشود.

مستقبل الحركة الشبابية في المغرب

يرى مراقبون أن حركة "جيل زد 212" تمثل تحولًا نوعيًا في طبيعة الحراك الاجتماعي المغربي، إذ تختلف عن الاحتجاجات التقليدية في كونها تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي في التنظيم والتعبئة، وتتبنى خطابًا عصريًا بعيدًا عن الانتماءات الحزبية أو الأيديولوجية.
ويرجح محللون أن استمرار هذه الحركة في الضغط الشعبي قد يدفع الحكومة إلى مراجعة سياساتها الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في ظل تنامي السخط الشعبي وتراجع مؤشرات الثقة بين الشباب ومؤسسات الدولة.

في النهاية تفتح احتجاجات "جيل زد 212" صفحة جديدة في علاقة الشباب المغربي بالحياة العامة، وتعكس طموحات جيل يسعى إلى دولة أكثر عدلًا وشفافية، في وقت تواجه فيه المملكة تحديات اقتصادية واجتماعية متراكمة.

ويبقى السؤال المطروح: هل تنجح الحكومة في تحويل هذا الغضب الشبابي إلى فرصة للحوار والإصلاح، أم أن الشارع سيظل هو المنبر الأبرز للتعبير عن مطالب التغيير؟