الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة.. أزمة سياسية تهز الاقتصاد الأمريكي والعالمي

تقارير وحوارات

الإغلاق الحكومي في
الإغلاق الحكومي في أمريكا - الفجر

 

 

 

شهدت الولايات المتحدة الأمريكية في أكتوبر 2025 أول إغلاق حكومي منذ سبع سنوات، في مشهد أعاد للأذهان واحدة من أكثر الأزمات السياسية والاقتصادية تعقيدًا في التاريخ الأمريكي الحديث.

وجاء الإغلاق نتيجة فشل الكونجرس في تمرير الميزانية الجديدة، وسط خلافات حادة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري حول أولويات الإنفاق، لا سيما في مجالات الرعاية الصحية والبرامج الاجتماعية.

أزمة تمتد إلى حياة المواطنين

أدى الإغلاق الحكومي إلى توقف العديد من الخدمات الفيدرالية غير الأساسية، وإجبار نحو 750 ألف موظف حكومي على إجازة قسرية دون راتب، ما أثر بشكل مباشر على حياة الأسر الأمريكية. كما تعطلت خدمات إصدار الجوازات وتأخرت الفحوصات الطبية الحكومية، وأُوقفت برامج الدعم الموجهة للشركات الصغيرة.

وتسبب الشلل الحكومي في إغلاق المتاحف الوطنية والمواقع السياحية الفيدرالية، في وقت أبدى فيه المواطنون استياءً واسعًا من عجز الطبقة السياسية عن التوصل إلى تسوية تضمن استمرار عمل المؤسسات الحكومية بشكل طبيعي.

تداعيات اقتصادية عالمية

اقتصاديًا، حمل الإغلاق آثارًا سلبية عميقة، حيث تراجعت ثقة المستثمرين بالاقتصاد الأمريكي، وازدادت الضغوط على الأسواق المالية العالمية التي تتأثر بشكل مباشر بأي اضطراب في الاقتصاد الأكبر في العالم. ووفقًا لتقديرات خبراء الاقتصاد، فإن كل يوم إغلاق يكلف الحكومة الأمريكية مئات الملايين من الدولارات، فضلًا عن تباطؤ النشاط الاقتصادي المحلي.

خلفيات سياسية ممتدة

تاريخيًا، تُعد الإغلاقات الحكومية إحدى أدوات الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في النظام الأمريكي، حيث يعود أول إغلاق إلى عام 1976. ومنذ ذلك الحين، تكررت هذه الأزمات أكثر من 20 مرة، أبرزها في عامي 2013 و2018–2019، عندما تجاوز الإغلاق شهرًا كاملًا.

ويُرجع المراقبون السبب الجوهري وراء هذه الإغلاقات إلى الاستقطاب الحزبي الحاد الذي يعيق التوصل إلى تفاهمات حول ميزانية الدولة، في ظل تمسك كل طرف بأولوياته السياسية والاقتصادية.

البحث عن حلول مستدامة

ويرى محللون أن الحل يكمن في تعزيز آليات التفاهم بين الحزبين الكبيرين، وإعادة النظر في آلية إعداد الميزانية الفيدرالية، بما يضمن استمرار عمل الحكومة دون تعطيل، خصوصًا في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية المعقدة.

ورغم أن الإغلاق الحالي من المتوقع أن ينتهي بتسوية سياسية، إلا أنه يعكس عمق الأزمة البنيوية في النظام السياسي الأمريكي، ويطرح تساؤلات حول قدرة واشنطن على إدارة أزماتها الداخلية دون أن تؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمي بأسره.