صلاحيات دستورية.. وفي مصلحة المواطن
عاجل - 8 مواد فقط محل الاعتراض الرئاسي.. رئيس النواب: مراجعة لتحقيق مزيد من الضمانات دون تعطيل القانون
شهدت الجلسة العامة لمجلس النواب نقاشًا مهمًا عقب تلاوة خطاب رئيس الجمهورية بشأن الاعتراض على بعض مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية. وقد أكد المستشار الدكتور حنفي الجبالي، رئيس المجلس، أن هذا الاعتراض لا يُمثل رفضًا لمشروع القانون، وإنما يُعبر عن ممارسة دستورية طبيعية، تهدف إلى تحقيق توازن أفضل في النصوص القانونية بما يخدم المصلحة العامة ويعزز الضمانات الدستورية للمواطنين.
عدد المواد محل الاعتراض
أوضح رئيس المجلس أن الاعتراض الرئاسي انصب فقط على ثماني مواد من أصل 552 مادة، أي ما يعادل نسبة 1.4% فقط من إجمالي المشروع. هذه النسبة الضئيلة تعكس أن مشروع القانون في مجمله جاء متماسكًا ورصينًا، ومبنيًا على مناقشات مطولة شاركت فيها الجهات المعنية على مدار أكثر من 28 شهرًا.
ومع ذلك، فإن هذه المواد الثمانية رأت الرئاسة أنها بحاجة إلى مراجعة وتعديل لتحقيق قدر أكبر من الضمانات، وهو ما يُبرز حساسية القانون وأثره المباشر على حياة المواطنين.
هذا محل الاعتراض: ضمانات إضافية لا تعطيل
أوضح الدكتور الجبالي أن الاعتراض لم يكن على جوهر مشروع القانون ولا على أهدافه، وإنما على بعض النصوص التي تحتاج إلى صياغة أكثر دقة وتوازن، بما يحقق العدالة الناجزة ويحفظ في الوقت نفسه حقوق المتهمين والمجني عليهم.
فالاعتراض هنا يمثل تعليقًا مؤقتًا لإتاحة الفرصة لإعادة النظر، وليس رفضًا قاطعًا أو تعطيلًا لصدور التشريع. بل على العكس، فهو تأكيد على أن مؤسسات الدولة تسعى إلى أن يخرج القانون في أفضل صورة، بعيدًا عن أي استعجال قد يؤثر على فاعليته أو يفتح بابًا للجدل حول دستوريته.

صلاحيات دستورية للرئيس
استند الرئيس عبد الفتاح السيسي في اعتراضه إلى صلاحياته الدستورية التي تخوله إعادة بعض مواد القوانين إلى مجلس النواب لمزيد من الدراسة، وهي آلية نص عليها الدستور المصري لضمان وجود رقابة متبادلة وتوازن بين السلطات.
وهذه الخطوة تعكس أن الدولة المصرية تعمل وفق منظومة دستورية راسخة، حيث يتكامل دور السلطتين التشريعية والتنفيذية بعيدًا عن الانفراد بالقرار، بما يحقق التعاون في خدمة المواطن.
كما أن ممارسة الرئيس لهذا الحق الدستوري تعطي رسالة واضحة بأن القوانين التي تمس العدالة وحقوق الأفراد يجب أن تصدر بعد مراجعة دقيقة وتوافق وطني كامل.
الشعب أوّلًا
أكد رئيس مجلس النواب أن الهدف الأساسي من مراجعة هذه المواد هو خدمة المواطن وحماية حقوقه. فالقانون، رغم أنه جاء متوازنًا في مجمله، يحتاج إلى بعض الضمانات الإضافية التي تكفل عدالة أكثر سرعة وشفافية، وتراعي مصلحة المجتمع ككل.
وأشار الدكتور الجبالي إلى أن مجلس النواب يرحب بالنقد الموضوعي، ويعتبره أداة بنّاءة لتطوير التشريعات، لكنه يرفض في المقابل محاولات التشكيك أو التهويل التي لا تخدم المواطن.
وبذلك، فإن موقف البرلمان من الاعتراض الرئاسي جاء انعكاسًا لفلسفة واضحة: أن الشعب ومصلحته هما الهدف الأول والأخير للتشريع.
يمكن القول إن الاعتراض الرئاسي على بعض مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية ليس تعطيلًا لمسار التشريع، بل هو خطوة دستورية مسؤولة تهدف إلى تدعيم القانون وضمان اتساقه مع متطلبات العدالة والدستور.
فالأمر يقتصر على مراجعة ثماني مواد فقط، دون المساس ببنية القانون العامة أو أهدافه الكبرى. ومن هنا، جاءت كلمة رئيس مجلس النواب لتوضح الصورة وترد على الأصوات المشككة، مؤكدة أن التعاون بين السلطات هو الطريق الأمثل لتحقيق العدالة وصناعة مستقبل يليق بمصر.
إن هذا الموقف يعكس أن الدولة المصرية، بمؤسساتها المختلفة، تُولي الشعب أولويتها القصوى، وتسعى من خلال التشريعات إلى ترسيخ دولة القانون التي تُحافظ على الحقوق وتصون الحريات وتحقق الصالح العام.