قبل الذكرى الثانية لحرب غزة.. أبرز القرارات الأوروبية من بروكسل إلى مدريد
مع اقتراب الذكرى الثانية لحرب غزة، تشهد القارة الأوروبية حالة من التباين بين التضامن الشعبي الواسع مع الفلسطينيين والضغوط السياسية التي تحول دون تبني موقف أوروبي موحد وحاسم تجاه إسرائيل.
فقد سجلت العواصم الأوروبية، منذ اندلاع الحرب، مظاهرات غير مسبوقة خرج فيها مئات الآلاف في لندن، برلين، باريس ومدريد للمطالبة بوقف إطلاق النار وفرض عقوبات على إسرائيل، وهو ما شكل ضغطًا متزايدًا على الحكومات الأوروبية.
القرارات السياسية الأوروبية
على المستوى السياسي، اتخذ الاتحاد الأوروبي عدة قرارات أبرزها الدعوة إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار، عبر بيانات المجلس الأوروبي والبرلمان الأوروبي.
كما أعيد فتح النقاش حول تجميد اتفاقية الشراكة التجارية مع إسرائيل، إلا أن القرار لم يُنفذ فعليًا بسبب اعتراض بعض الدول الداعمة لتل أبيب مثل ألمانيا والمجر.
في المقابل، برزت مواقف أكثر جرأة من دول مثل إسبانيا، إيرلندا وبلجيكا التي طالبت علنًا بفرض حظر تسليح على إسرائيل، ورفعت دعاوى قانونية ضد الجيش الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب.
كما انضمت مدريد إلى تحالف دولي يسعى لإنهاء ما وصفته بـ "إفلات إسرائيل من العقاب".
الاعتراف بالدولة الفلسطينية
من أبرز التحولات في المواقف الأوروبية خلال الحرب، ملف الاعتراف بفلسطين. فقد أعلنت إسبانيا وإيرلندا والنرويج اعترافها الرسمي بالدولة الفلسطينية، في خطوة وصفت بالتاريخية هدفت إلى الضغط على إسرائيل وإعادة إحياء المسار السياسي.
لاحقًا، انضمت سلوفينيا إلى هذا المسار، فيما أبدت مالطا استعدادها لاتخاذ نفس الخطوة، وهو ما يمثل تحوّلًا ملموسًا في السياسات الأوروبية ورسالة واضحة بأن حق الفلسطينيين في تقرير المصير أصبح محورًا لا يمكن تجاهله.
الأبعاد الاقتصادية والإنسانية
على الصعيد الاقتصادي، اتخذت بعض الدول الأوروبية خطوات عملية، حيث أوقفت النرويج استثمارات صندوقها السيادي في شركات مرتبطة بالمستوطنات، بينما علقت الدنمارك بعض صفقات الأسلحة.
وعلى الجانب الآخر، عززت إيطاليا واليونان تعاونهما الأمني مع إسرائيل، ما عكس الانقسام الأوروبي العميق حول الموقف من الحرب.
أما إنسانيًا، فقد أعلنت بروكسل زيادة غير مسبوقة في ميزانية المساعدات لغزة، مخصصة أكثر من 500 مليون يورو لإغاثة المدنيين؛ ومع ذلك، واجهت المفوضية الأوروبية انتقادات حادة بسبب استمرار تعاونها في مشاريع مشتركة مع شركات إسرائيلية، خاصة في مجالات التكنولوجيا والدفاع.
وبين تضامن الشارع الأوروبي ومواقف الحكومات المتباينة، تظل القارة أمام اختبار حقيقي يكشف حدود قدرتها على التأثير في مسار الحرب، ومدى استعدادها لتبني سياسات أكثر صرامة تجاه إسرائيل في ظل تصاعد الغضب الشعبي مع اقتراب الذكرى الثانية للحرب.
