فيضان السودان.. كارثة مائية غير مسبوقة بعد فتح إثيوبيا بوابات سد النهضة

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

 


تشهد عدة ولايات سودانية فيضانات هي الأسوأ منذ سنوات، بعد أن فتحت إثيوبيا بوابات التصريف العليا في سد النهضة، ما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في منسوب مياه النيل الأزرق وغمر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والمناطق السكنية في ولايات سنار، النيل الأزرق، الخرطوم، النيل الأبيض، ونهر النيل.

ووفقًا لبيانات وزارة الري والموارد المائية السودانية، بلغ منسوب النهر في الخرطوم 16.89 مترًا، وهو مستوى يقترب من الخط الأحمر للفيضانات، وسط مخاوف من أن يتجاوز المعدلات التاريخية خلال الأيام المقبلة.

 


سنار في قلب الكارثة

تُعد ولاية سنار من أكثر الولايات تضررًا بالفيضان، حيث غمرت المياه مئات القرى والمزارع، وتضررت آلاف المنازل، ما دفع السلطات المحلية إلى إجلاء السكان إلى مناطق مرتفعة.

وقال مسؤول محلي في سنار إن الوضع "كارثي بكل المقاييس"، مشيرًا إلى أن "المياه غمرت كل شيء، والزراعة التي يعتمد عليها معظم السكان تكاد تتلاشى بالكامل"، فيما ناشد السكان الحكومة المركزية والمنظمات الإنسانية توفير المساعدات والإيواء العاجل للمتضررين.

 


الخرطوم ترفع حالة الطوارئ القصوى

وفي العاصمة الخرطوم، أعلنت السلطات حالة الطوارئ القصوى بعد أن ارتفع منسوب النيل الأزرق إلى مستويات تهدد الأحياء القريبة من الضفاف، خاصة في مناطق شرق النيل والخرطوم بحري.

وتعمل فرق الطوارئ وفرق الدفاع المدني منذ ساعات الفجر على تعزيز السواتر الترابية ومراقبة حركة المياه، وسط تحذيرات رسمية للمواطنين بنقل ممتلكاتهم إلى أماكن مرتفعة تجنبًا لأي انهيارات مفاجئة في الجسور الترابية.

 


أضرار واسعة في النيل الأبيض ونهر النيل

وفي ولايتي النيل الأبيض ونهر النيل، أدت الفيضانات إلى غمر آلاف الأفدنة الزراعية وانقطاع الطرق بين عدد من المدن والقرى. كما تضررت شبكات الكهرباء ومياه الشرب، ما زاد من معاناة المواطنين الذين يواجهون أوضاعًا معيشية صعبة أصلًا نتيجة الحرب الدائرة في البلاد.

 


ضعف البنية التحتية المائية يفاقم الأزمة

ويرى خبراء أن حجم الأضرار يعكس ضعف البنية التحتية المائية في السودان، مقارنة بجارته مصر التي تحميها منشآت ضخمة مثل السد العالي.

مناشدات محلية ودولية للتدخل العاجل

أطلقت منظمات الإغاثة المحلية نداءات عاجلة لتوفير المساعدات الإنسانية والإيواء للمتضررين في ولايات النيل الأزرق وسنار والخرطوم، في وقت وصفت فيه منظمات إنسانية الوضع بأنه "حرج وخطير للغاية"، محذّرة من انتشار الأمراض المنقولة بالمياه والأوبئة نتيجة ركود المياه في المناطق المنكوبة.

من جانبها، دعت منظمات المجتمع المدني الحكومة السودانية إلى التنسيق مع الجانب الإثيوبي لضبط وتيرة التصريف من سد النهضة، تجنبًا لتفاقم الأزمة خلال الأيام القادمة.

 


فيضان القرن؟

يرى مراقبون أن ما يحدث في السودان اليوم قد يُسجَّل كأحد أخطر الفيضانات في تاريخه الحديث، ليس فقط بسبب حجم المياه المتدفقة، ولكن بسبب غياب خطط الطوارئ المسبقة وضعف التنسيق بين الحكومة المركزية والولايات.

ويؤكد خبراء أن تكرار مثل هذه الكوارث سيبقى قائمًا ما دام لم يتم التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن تشغيل سد النهضة، يراعي مصالح السودان ومصر في الأمن المائي ويحمي شعوبهما من مخاطر التصريف الأحادي المفاجئ.


في النهاية، السودان اليوم أمام اختبار وجودي جديد؛ فبين فيضان يهدد المدن والمزارع، وصمت رسمي يثير التساؤلات، تبدو البلاد في حاجة ملحّة إلى إدارة أزمة أكثر فاعلية وتعاون إقليمي حقيقي يضع حياة الملايين فوق الحسابات السياسية.