د.أحمد ماهر أبورحيل يكتب: "السياسة العامة والسياسة الاجتماعية" نظرة عابرة

ركن القراء

بوابة الفجر

 


فى كل فترة من فترات حياتنا تنكشف علينا مجموعة من المفاهيم الجديدة "الترند العلمى" ـــــ علينا كمواطنين وليس كباحثين ـــ  حيث إنه فى ظل الاهتمام المتزايد بمنظمات العمل الأهلى التنموى وحرص الدولة على إشراكها فى العمليات التنموية التى تقوم بها فى مجالات مختلفة ومتعددة.

حيث طرأت مفاهيم جديدة على مسامع المواطنين  " كالرعاية الاجتماعية والسياسة الاجتماعية والعمل الاهلى والعمل التنموى والقطاع الثالث والمسئولية المجتمعية والتشبيك والشبكات ورأس المال الاجتماعى والمبادرات والاستراتيجيات والحماية الاجتماعية  وغيرها من المفاهيم التى لايسع المقال لذكرها لذلك وجب علينا كمتخصصين فى هذه المجال أن نحاول  جاهدين  أن نلقى نظرة على بعض منها حتى وإن كانت عابرة ؛  ولكن شىء أحسن من لاشىء.   
   إن السياسة الاجتماعية، أمر اجتماعي تفرضه المسئولية القومية في المجتمعات النامية لذلك يسعى دائمًا المشتغلون بالسياسة الاجتماعية، تقديم رؤية شمولية لفهم مشاكل التخلف والنمو وتأثيرها على أشكال الحياة الاجتماعية سواء على مستواها الفردي أو المجتمعي، حيث إنه من المعروف  أن لكل دولة سياساتها العامة التى تستمد وجودها ومفاهيمها واتجاهاتها - من أيديولوجية الدولة-  وأسلوب حياتها، وقيمها ومعاييرها، ودرجة تطورها، ومواردها وإمكانياتها، وأهدافها ومشاكلها واحتياجاتها، وموقعها الجغرافى.
  والسياسة العامة للدولة مجرد تفكير منظم يعبر عن الأهداف التى ترى الدولة تحقيقها فى جميع الميادين والمجالات الداخلية والخارجية، واقتراح الأساليب والوسائل التى يمكن استخدامها لتحقيق هذه الأهداف.
وترتبط السياسة الاجتماعية بالمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية فى المجتمع وتتأثر بها ومن ثم فإنها تختلف من مجتمع لآخر ومن وقت إلى آخر فى ذات المجتمع وذلك وفقًا للأيديولوجية السائدة فى المجتمع، حيث أن البناء الأيديولوجى للمجتمع ساهم فى تحديد عناصر السياسة الاجتماعية الموجهة لكافة مجالات الرعاية الاجتماعية.
ونهتم بدراسة السياسة الاجتماعية لكى نعرف ماهى الطرق التى تضعها المجتمعات المختلفة لمواجهة الاحتياجات الانسانية ؟ وفى بعض الحالات ماهى أسباب الفشل فى إشباع الاحتياجات؟
   و ارتبطت برامج الرعاية الاجتماعية  بمفهوم السياسة الاجتماعية، حيث أن برامج الرعاية الاجتماعية التى توجه للفقراء والمحرومين والمعوقين والغير قادرين على التوافق مع الأوضاع والنظم الاقتصادية، إلا أن هذا التناول  لمفهوم السياسة الاجتماعية يقتصرها على جانب واحد من جوانبها المتعددة، لذا في الآونة الأخيرة ينظر للسياسة الاجتماعية على أنها شتى البرامج والخدمات التى تقدم في المجالات المختلفة التعليمية والصحية والثقافية..... سواء مقدمة الأفراد والجماعات أو المجتمعات التى هي في ظروف صعبة أو مقدمة عمومًا لكافة أفراد المجتمع بصرف النظر عن ظروفهم وأوضاعهم المجتمعية وذلك كنوع من مسئولية الدولة تجاه أفرادها.
     حيث ارتبط مفهوم السياسة الاجتماعية بالمفهوم البريطاني للسياسة على يد العالم "ريتشارد تتمس" حيث تضمن إطارًا واسعًا من القضايا الاجتماعية التى تهتم بالعلاقات بين  الأفراد والجماعات والمجتمع الأكبر، فهي تسهم من ذلك المنظور في تحديد المكانات الاجتماعية والأدوار الاجتماعية وتتحكم في توزيع الموارد بين أفراد المجتمع، وانتقل هذا المفهوم إلى الولايات المتحدة الأمريكية والتى اعتمدت في معظم مفاهيمها على التناول البريطاني للمصطلح.
لذلك يمكن أن نشير إلى أن العلاقة بين مفاهيم  السياسة الاجتماعية والسياسة العامة والأيديولوجية هى علاقة جزء من الكل بمعنى لايمكن رسم سياسة عامة لدولة ما دون معرفة ايديولوجية هذه الدولة حيث  أن نقطة إنطلاق السياسة العامة هى فكر الدولة وعقل القيادة السياسية، وكذا يتم رسم السياسة الاجتماعية بناءًا على السياسة العامة للدولة وتوجهاتها العامة، وسياسات الرعاية الاجتماعية هى جزء من السياسات الاجتماعية التى تتبناها الدولة تجاه مواطنيها وتلتزم بها وفقًا للدستور والقانون. كما يمكن الإشارة إليها بأنها مكون أساسي من السياسة العامة للمجتمع، تمارس استخدام المتآلف لها في العرف السياسي وتهدف إلى تحقيق قدر متزايد من العدالة الاجتماعية، وذلك عن طريق توفير خدمات متنوعة ومتكاملة لأفراد المجتمع ككل وللفئات الأكثر احتياجًا على وجه الخصوص، وهي بذلك تعمل على تشكيل المجتمع بما يضمن صالح أفراده وصالحه ككل
• وتوضع السياسة الاجتماعية العامة للمجتمع عبر المراحل المتعاقبة التالية: 
1ـــــ توضع في ضوء اعتبار الأيديولوجية العامة للمجتمع، وتؤثر أيديولوجية المجتمع على وجه الخصوص في مدى السماح ببرامج رعاية اجتماعية واسعة النطاق أو محدودة نسبيًا كما تؤثر الأيديولوجية العامة للمجتمع في مدى استعداد المجتمع للإنفاق المادي العام على برامج السياسة الاجتماعية من عدمه.
2ـــ تقترح  الأجهزة التنفيذية المركزية في الدولة الأهداف العامة للسياسة القومية للرعاية الاجتماعية وتحديد اتجاهاتها وخطوطها الرئيسية وطرحها للمناقشة العامة والعلنية في وسائل الإعلام المختلفة والتنظيمات الشعبية والنقابية والحزبية.
3ــــ يقوم جهاز مكلف بالمتابعة بحصر نتائج هذه المناقشات، واستخلاص مقترحات بناءة منها وإجراء التعديلات اللازمة على مشروع السياسة الاجتماعية العامة.
4ــــ يعرض مشروع السياسة الاجتماعية العامة على الأجهزة التشريعية لمناقشته وإجراء التعديلات الضرورية عليه وإقراره.
5ـــــ تصدر الجهات المختصة القوانين المنفذة للسياسة الاجتماعية والسياسة العامة، وبهذا المفهوم تعتبر إرشادية وتوجيهية  بالنسكبة للسياسات النوعية، وهي بذلك ذات طابع تنفيذي في حين أن السياسات النوعية هي المختصة بالجانب التنفيذي.