الدكتور محمود أحمد فراج: "شراكة مصر وسنغافورة خطوة استراتيجية نحو مستقبل اقتصادي أقوى"
تعميق الشراكة بين مصر وسنغافورة: خطوات نحو مستقبل اقتصادي أقوى
شهدت القاهرة مؤخرًا زيارة مهمة لرئيس سنغافورة "ثارمان شانموجاراتنام"، الذي التقى بالرئيس عبد الفتاح السيسي في إطار تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين. هذه الزيارة جاءت لتؤكد متانة العلاقات التاريخية التي تربط القاهرة بسنغافورة منذ عام 1965، حينما كانت مصر أول دولة عربية وأفريقية تعترف باستقلال الدولة الآسيوية الناشئة.
أحد أبرز الملفات التي تناولها اللقاء هو بحث إمكانية إبرام اتفاقية تجارة حرة بين البلدين. وقد اتفق الرئيسان على الشروع في دراسة جدوى لهذه الخطوة التي من شأنها أن تفتح آفاقًا أوسع أمام التجارة والاستثمارات، من خلال خفض التعريفات الجمركية وتسهيل النفاذ إلى الأسواق. ويُنظر إلى هذه المبادرة باعتبارها تحركًا "في الوقت المناسب"، إذ تستند إلى الإمكانات المشتركة والمواقع الاستراتيجية لكل من مصر وسنغافورة.
كما شهدت الزيارة توقيع سبع مذكرات تفاهم في مجالات حيوية تعكس تنوع مسارات التعاون. فقد شملت هذه الاتفاقيات التعاون في القطاع الصحي، سواء في مجال مكافحة الأمراض أو تطوير أنظمة معلومات المستشفيات، إلى جانب التعاون في مجال الأمن الغذائي من خلال زراعة صنف الأرز السنغافوري "تماسيك" في مصر. ولم تغفل المذكرات التعاون في التدريب وتبادل الخبرات في مجالات النقل البحري والحوكمة وتكنولوجيا المعلومات، فضلًا عن دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز برامج الحماية الاجتماعية. كذلك أولت الاتفاقيات اهتمامًا خاصًا بالنقل البحري والتحول الرقمي، حيث تسعى مصر إلى الاستفادة من خبرة سنغافورة الرائدة في إدارة وتشغيل الموانئ باستخدام أحدث النظم الذكية.
وفي الجانب الاقتصادي، أكد الرئيس السيسي أن مصر تمثل "البوابة الطبيعية" لسنغافورة نحو الشرق الأوسط وإفريقيا، بما يفتح المجال أمام استثمارات نوعية في قطاعات متعددة. الجدير بالذكر أن الاستثمارات السنغافورية المباشرة في مصر تبلغ حاليًا نحو 530 مليون دولار، مع تزايد اهتمام الشركات السنغافورية بالعمل في السوق المصرية لما تتمتع به من موقع استراتيجي، وحجم سوق محلي كبير، وطاقات شبابية واعدة.
ولم يغب البعد السياسي عن أجندة المباحثات، حيث عبّر الجانبان عن توافقهما الكامل تجاه القضية الفلسطينية، مؤكدين رفضهما القاطع لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، ودعمهما لحل عادل وشامل يقوم على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967. كما أعربت مصر عن تقديرها للمساعدات الإنسانية التي قدمتها سنغافورة إلى أهالي غزة عبر الأراضي المصرية.
ختامًا، تمثل هذه الزيارة خطوة جديدة على طريق بناء شراكة استراتيجية بين مصر وسنغافورة، شراكة تقوم على تعميق التعاون الاقتصادي والاستثماري والتجاري، بما يرسخ منافع متبادلة ويضع أسسًا قوية لعلاقات مستدامة تخدم مصالح الشعبين في الحاضر والمستقبل.
✍️ الدكتور محمود أحمد فراج







