وفاة عبدالله صاحب صرخة "أنا جعان"
وفاة عبدالله صاحب صرخة "أنا جعان".. صورة حية للجريمة الإنسانية في غزة (القصة الكاملة)

في قلب المعاناة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، تبرز قصص الأطفال كأشدّ الصور إيلامًا وأعمقها تأثيرًا في الضمير الإنساني. ومن بين هذه القصص الموجعة، خطّت قصة الطفل عبد الله أبو زرقة، ابن الخمسة أعوام، الذي أطلق صرخته الشهيرة "أنا جعان"؛ عبارة قصيرة لكنها حملت معاناة شعب بأكمله، وجسدت الواقع المرير الذي يعيشه آلاف الأطفال في ظل حصار خانق ومجاعة قاتلة.
لم تكن تلك الكلمات مجرد تعبير عابر عن حاجة إلى الطعام، بل تحولت إلى رمز مأساوي يوثّق حجم الانتهاكات والحرمان الذي يعانيه المدنيون، خاصة الأطفال، في غزة.
رحيل عبد الله لم يكن مجرد فقدان طفل صغير، بل كان رسالة دامية للعالم بأسره، تكشف عن حجم الكارثة الإنسانية التي يواجهها سكان القطاع، وعن استمرار فشل المجتمع الدولي في وقف نزيف الجوع والمرض الذي يفتك بالأبرياء.
وداع قصير العمر: قصة عبد الله أبو زرقة
استشهد الطفل عبد الله أبو زرقة بعد أيام قليلة من إجلائه إلى مستشفى في مدينة أضنة التركية، حيث لم تفلح الجهود الطبية في إنقاذ حياته.
وتدهورت حالته الصحية نتيجة الجوع وسوء التغذية، ما أدى إلى حرمانه من أبسط حقوقه في الغذاء والرعاية.
اختصرت قصة عبد الله القصيرة العمر وجع أمة بأكملها، وجعلت من عبارته الأخيرة وثيقة حيّة لسياسة التجويع الممنهجة.
شقيقته حبيبة: معركة مع الموت
بينما طوى عبد الله صفحة حياته القصيرة، ما تزال شقيقته الطفلة حبيبة ترقد على سرير المرض، تصارع تضخم الكبد وتسمم الدم وسوء التغذية الحاد.
وضعها يجسد استمرار الكارثة، حيث يقف الأطفال على خط المواجهة الأول مع الموت البطيء، في ظل غياب الدواء ونقص المستلزمات الطبية وصراعها مع المرض يكمل صورة المأساة ويؤكد أن الكارثة لم تنته بعد.
تحذيرات حقوقية وطبية متكررة
منظمات حقوقية وطبية حذّرت مرارًا من أن المجاعة وسوء التغذية يهددان حياة آلاف الأطفال في غزة. نقص الغذاء والدواء، وتعثر إدخال المساعدات بشكل منتظم وكافٍ، جعلا المشهد أكثر قتامة.
تأتي وفاة عبد الله ومعاناة شقيقته لتكون دليلًا إضافيًا على صحة هذه التحذيرات، ولتُبرز حجم الخطر الذي يواجه الجيل الجديد في غزة.
صرخة "أنا جعان" تتصدر الغضب الشعبي
رحيل عبد الله أثار حزنًا عارمًا وغضبًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر ناشطون وحقوقيون عن استيائهم من عجز المجتمع الدولي عن حماية الأطفال من الجوع والموت.
وتحولت صرخته الأخيرة إلى أيقونة للمأساة، وإلى شاهد موثق بالصوت والصورة على جريمة إنسانية يتابعها العالم دون أن يتحرك لإنهائها.
سياسة التجويع الممنهجة
شددت مؤسسات حقوقية فلسطينية ودولية على أن وفاة عبد الله وصراع شقيقته مع المرض ليسا أحداثًا فردية، بل جزء من سياسة تجويع ممنهجة تستهدف سكان قطاع غزة فهذه السياسات تفتك بأجساد الأطفال قبل غيرهم، وتضع الإنسانية كلها أمام اختبار أخلاقي صعب، يستوجب تحركًا عاجلًا لإنقاذ من تبقى من الأطفال المهددين بالموت جوعًا ومرضًا.