بمشاركة 28 جامعة ومركزًا بحثيًا.. «تحالف وتنمية» يفتح الباب أمام مشاريع الجيل الرابع للجامعات
أعلن الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، إطلاق الدعوة التنافسية للمرحلة الأولى من مبادرة "تحالف وتنمية"، والتي تمثل أحد المشروعات القومية الكبرى لتحويل الجامعات ومراكز الأبحاث المصرية إلى محرك رئيسي لدعم الاقتصاد الوطني، عبر تمويل غير مسبوق يبلغ مليار جنيه.
جاء ذلك خلال كلمته في المؤتمر الصحفي الذي نظمته الوزارة بحضور قياداتها، وعدد من رؤساء الجامعات المصرية، وممثلي المراكز البحثية والقطاع الصناعي، ومؤسسات المجتمع المدني، وأعضاء الإعلام والصحافة، حيث وجّه الوزير التحية لكافة الحضور، وأشاد بالدور الفاعل للإعلام في دعم جهود الوزارة ومشروعاتها الاستراتيجية.
وأكد الدكتور عاشور أن مبادرة "تحالف وتنمية" تأتي في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي التي أُطلقت في مارس 2023، والتي ترتكز على تحويل الجامعات المصرية إلى جامعات الجيل الرابع، موضحًا أن هذا التحول يعني أن تصبح الجامعات والمراكز البحثية كيانات فاعلة في تلبية احتياجات التنمية الوطنية، ودعم الاقتصاد، وتعزيز الابتكار.
وأشار الوزير إلى أن المبادرة التي انطلقت رسميًا في 17 فبراير الماضي، تهدف إلى إيجاد خريطة بحثية وطنية تغطي كافة أقاليم الجمهورية، بحيث تحدد هذه الخريطة المشروعات البحثية ذات الأولوية في كل إقليم، ونوع المشروعات المطلوبة، وأطراف التنفيذ، وحجم الدعم المالي المطلوب، والفترة الزمنية للتنفيذ، بالإضافة إلى مخرجات المشاريع المتوقعة، وخاصة تلك القابلة للتحول إلى منتجات صناعية وخدمية تخدم الاقتصاد الوطني.
وقال الوزير: "هدفنا الأساسي هو أن يتحول كل جنيه يُنفق على البحث العلمي إلى عائد يتراوح من 3 إلى 5 أضعافه من خلال منتجات قابلة للتسويق تدعم الصناعة المحلية وتُساهم في التصدير"، مؤكدًا أن الوزارة لا تسعى فقط إلى تمويل أبحاث، بل إلى تحقيق عائد اقتصادي مباشر ومستدام من وراء هذه الأبحاث.
وكشف الدكتور عاشور أن المبادرة تشمل تأسيس أول مدينة زراعية صناعية بحثية متكاملة في مصر، بمشاركة 28 جامعة ومركزًا بحثيًا، تعمل على الزراعة، والتصنيع، والتصدير، وهو مشهد غير مسبوق في العمل البحثي المصري، ويمثل نقلة نوعية في التنسيق بين المؤسسات الأكاديمية والإنتاجية.
وأوضح الوزير أن المبادرة تقوم على مبدأ التحالفات متعددة الأطراف، حيث يتكون كل تحالف من جامعة، ومركز بحثي، وكيانات صناعية، ومؤسسات تنموية، ومستثمرين. وتهدف هذه التحالفات إلى تنفيذ حزم عمل متكاملة تشمل: البحث والابتكار، بناء القدرات البشرية، التأسيس لشركات ناشئة، تجهيز البنية التحتية والمعامل، وتقديم منتج نهائي قابل للتسويق.
وأشار إلى أن مدة تنفيذ المشروع لكل تحالف ستكون ثلاث سنوات، بتمويل إجمالي يتراوح بين 90 إلى 150 مليون جنيه للتحالف الواحد، منها من 25 إلى 60 مليون جنيه سنويًا. وأوضح أن التمويل لا يقتصر على مساهمة الدولة، بل يشمل أيضًا مساهمات من الشركاء الصناعيين والمستثمرين، ما يعزز من التمويل التشاركي للمبادرة.
ولضمان فاعلية التنفيذ، كشف الوزير عن تنظيم أربع ورش عمل مركزية شارك فيها ممثلون عن الجامعات، والمراكز البحثية، والقطاع الخاص، والمستثمرين، تناولت موضوعات تكوين التحالفات، التحليل الإقليمي، بناء شبكات التواصل مع الصناعة، تحديد الأولويات، بناء الخطط الاستراتيجية، قياس الأداء، وتحقيق الاستدامة بعد انتهاء فترة التمويل.
وأوضح الدكتور عاشور أن كل وثيقة مقدمة من التحالفات يجب أن تشمل: هدف المشروع، القطاع المستهدف، قدرات الأعضاء وسابقة أعمالهم، النطاق الجغرافي، الهيكل التنظيمي، خطة التنفيذ، الموازنة المطلوبة، وأهم مؤشرات الأداء المتوقعة (KPIs)، مشددًا على أن الموازنة لا تقتصر على التمويل الحكومي بل تشمل التمويلات الذاتية والتحالفية.
وأكد أن الاستدامة هي ركيزة رئيسية في تقييم المشاريع، وأن الوزارة حرصت على تخصيص ورشة عمل كاملة لمناقشة آليات تحقيق الاستدامة بعد نهاية السنوات الثلاث، حتى لا تتوقف المشروعات بنهاية التمويل، بل تستمر في تقديم منتجات وخدمات تدعم الاقتصاد وتُسهم في توطين التكنولوجيا.
وفي مفاجأة كشف عنها الوزير، أعلن أنه منذ إطلاق المبادرة وحتى غلق باب التقديم في 12 يونيو، تقدّم 104 تحالفات من مختلف أنحاء الجمهورية للمنافسة على الدعم، ما يُعد مؤشرًا قويًا على نجاح المبادرة في تحفيز الجامعات والمراكز البحثية على التعاون مع الصناعة.
وأشار إلى أن هذه التحالفات ستخضع لمرحلة تقييم تنافسي دقيقة، تُبنى على معايير علمية وموضوعية، لفرز أفضل المشروعات التي تستحق التمويل، وتحقيق أعلى عائد ممكن للدولة من حيث الابتكار، والمنتجات، وفرص العمل، والمردود الاقتصادي.
وفي ختام كلمته، وجّه الدكتور أيمن عاشور الشكر لكافة أعضاء فرق العمل، والجامعات، والمراكز البحثية، والمؤسسات الصناعية والتنموية، مؤكدًا أن "تحالف وتنمية" يمثل نموذجًا جديدًا في إدارة منظومة التعليم العالي والبحث العلمي، يرتكز على الشراكة، والتكامل، والابتكار، ويُعبر عن توجه الدولة نحو تعظيم العائد من الاستثمار في المعرفة.