مراسم استبدال كسوة الكعبة في يوم التاسع من ذي الحجة.. تقليد سنوي يعكس عناية المملكة بالحرمين الشريفين

منوعات

كسوة الكعبة
كسوة الكعبة

في مشهد مهيب، يترقبه ملايين المسلمين حول العالم، شهد المسجد الحرام بمكة المكرمة اليوم التاسع من شهر ذي الحجة مراسم استبدال كسوة الكعبة المشرفة. 

يعد هذا الحدث السنوي من أهم اللحظات في موسم الحج، حيث يعكس اهتمام المملكة العربية السعودية البالغ بالكعبة المشرفة، التي تعد رمزًا للتوحيد والقبلة التي يتوجه إليها المسلمون في صلواتهم من مختلف أنحاء العالم.

مراسم التغيير

تتم مراسم استبدال الكسوة في فجر يوم التاسع من ذي الحجة، قبل صعود الحجاج إلى عرفات، تحت إشراف الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.

يتولى فريق متخصص من الفنيين والمتخصصين تنفيذ عملية استبدال الكسوة بدقة وعناية فائقة، حيث يتم تغيير كسوة الكعبة وفق إجراءات فنية وتنظيمية عالية المستوى.

الكسوة الجديدة: تفاصيل صناعية مذهلة

تُصنع الكسوة الجديدة من أفخم أنواع الحرير الطبيعي الذي يُصبغ باللون الأسود، ويزن الكسوة بالكامل نحو 850 كيلوجرامًا. 

تتكون من 47 قطعة قماش، يبلغ عرض كل منها 98 سنتيمترًا، ويتم وصلها معًا لتغطي جوانب الكعبة الأربعة. 

وتصل ارتفاع الكسوة إلى نحو 14 مترًا، وتتخللها 54 قطعة مذهبة من الآيات القرآنية المطرزة بخيوط الذهب والفضة، ومنها العبارات المقدسة مثل "لا إله إلا الله محمد رسول الله".

كما يتم تطريز الحزام الذي يحيط بأعلى الكعبة باستخدام خيوط الذهب الخالص، ويبلغ طوله الإجمالي أكثر من 45 مترًا، ليُضفي مظهرًا جماليًا مهيبًا على الكسوة.

مراحل التصنيع: من الحرير إلى التطريز اليدوي

يتم تصنيع الكسوة داخل مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، حيث يعمل أكثر من 200 صانع وفني موزعين على أقسام متعددة بدءًا من صباغة الحرير وصولًا إلى التجميع النهائي.

يتم استخدام أحدث الماكينات في قسم النسيج، مثل ماكينة "الجاكارد" المتطورة، التي تمكن من نسج الآيات والزخارف بدقة عالية. 

وفي مرحلة التطريز اليدوي، يتم استخدام خيوط الذهب والفضة لإضافة اللمسات المذهبة على أجزاء الكسوة.

الستارة الخارجية لباب الكعبة

من أبرز عناصر الكسوة هي الستارة الخارجية لباب الكعبة، المعروفة بـ "البرقع"، التي تُطرز عليها اسم الملك وعبارات الدعاء والسلام، ويتم تثبيتها بعناية شديدة على باب الكعبة.

التوقيت والدقة

تستغرق عملية إعداد الكسوة الجديدة نحو 10 أشهر من العمل المتواصل، ويستخدم في تصنيعها نحو 670 كيلوجرامًا من الحرير، 120 كيلوجرامًا من خيوط الذهب، و100 كيلوجرام من خيوط الفضة. 

بعد أداء صلاة الفجر، تبدأ مراسم الاستبدال بشكل تدريجي، حيث يتم إزالة الكسوة القديمة جزئيًا ورفع الكسوة الجديدة باستخدام روافع ميكانيكية لتثبيتها على الكعبة، وتختتم المراسم بتركيب الستارة الذهبية على باب الكعبة.

رمز ديني ووطني

تُعتبر مراسم استبدال الكسوة جزءًا من العناية الفائقة التي توليها المملكة للحرمين الشريفين، وتمثل رمزية دينية عظيمة، حيث يُجسد هذا التقليد التزام المملكة بإظهار الكعبة بأبهى صورة في أعظم أيام السنة.

فهو يمثل بداية جديدة لحياة الحجيج، ويعكس روحانية المكان وقدسيته في قلوب المسلمين حول العالم.