من الصفائح التكتونية إلى الزلازل المدمرة.. كيف تتحرك الأرض تحت أقدامنا؟

تتجدد التساؤلات حول الكيفية التي تحدث بها الزلازل، خاصة مع تكرار الكوارث الطبيعية التي تضرب مناطق مختلفة من العالم، وتتسبب في خسائر بشرية ومادية ضخمة.
وتبدأ قصة الزلازل من أعماق الأرض، وتحديدًا من الطبقات التي تشكّل بنيتها الداخلية، وتلعب الصفائح التكتونية الدور الأساسي في هذه الظاهرة الطبيعية العنيفة.
الكرة الأرضية تتكوّن من طبقات متعددة
تتكون الكرة الأرضية من عدة طبقات متراكبة عموديًا، تتألف من صخور وأتربة ومعادن وحمم بركانية، وتنتهي عند نواة الأرض.
وتُعد القشرة الأرضية أو ما يعرف بـ "الرصيف القاري" الطبقة الخارجية الصلبة التي نعيش فوقها، والتي تشمل اليابسة وأجزاء من قيعان البحار والمحيطات.
لكن ما لا نراه بأعيننا هو ما يحدث أسفل هذه القشرة، حيث تتحرك صفائح ضخمة تُعرف باسم الصفائح التكتونية.
الصفائح التكتونية.. المحرك الخفي للزلازل
يتكوّن سطح الأرض من نحو 15 صفيحة تكتونية رئيسية، تختلف في الحجم وتشمل أجزاء من القارات أو المحيطات.
وتتحرك هذه الصفائح باستمرار، إما متباعدة أو متقاربة أو منزلقة عبر حدودها، وعندما تلتقي الصفائح عند ما يُعرف بـ "الصدوع"، يحدث احتكاك يؤدي إلى تراكم طاقة هائلة.
تؤدي هذه الحركة المستمرة إلى توليد ضغط داخل الصخور، وعندما تفشل الصخور في مقاومة الضغط المتزايد، تُطلق الطاقة على هيئة موجات اهتزازية تُحدث ما نعرفه بالزلزال.
ويختلف تأثير الزلزال تبعًا لقوة التصادم ومكان حدوثه، إذ يمكن أن يمر مرور الكرام، أو يؤدي إلى كوارث قد تدمر مدنًا بأكملها.
أحزمة الزلازل في العالم.. مناطق الخطر الزلزالي
على مر العصور، رصد العلماء مناطق بعينها تتكرر فيها الزلازل العنيفة، وسُميت هذه المناطق بـ "أحزمة الزلازل"، وتُعد من أخطر مناطق العالم من حيث النشاط الزلزالي.
الحزام الناري.. الأعنف على الإطلاق
يُعتبر "الحزام الناري" أخطر هذه الأحزمة، ويمتد لمسافة تُقدّر بـ40 ألف كيلومتر، على شكل حدوة حصان تحيط بالمحيط الهادئ.
يبدأ الحزام من تشيلي في أمريكا الجنوبية، مرورًا بالساحل الغربي للولايات المتحدة، وصولًا إلى ألاسكا، ثم يمتد إلى اليابان والفلبين وغينيا الجديدة ونيوزيلندا.
ويضم هذا الحزام أكثر من 450 بركانًا نشطًا، ويحدث فيه نحو 80% من الزلازل الأعنف في العالم، مثل زلزال تشيلي الكبير عام 1960، الذي يُعد من أقوى الزلازل في التاريخ الحديث.
الحزام الألبي.. الزلازل عبر الجبال والبحار
يمتد الحزام الألبي لأكثر من 15 ألف كيلومتر، من جزر جاوة وسومطرة في إندونيسيا، مرورًا بجنوب آسيا عبر جبال الهيمالايا وإيران والقوقاز والأناضول، وصولًا إلى دول البحر الأبيض المتوسط. وتحدث في هذا الحزام نحو 17% من الزلازل الكبرى عالميًا.
شهد هذا الحزام زلازل مدمرة، أبرزها زلزال باكستان عام 2005 الذي أودى بحياة نحو 80 ألف شخص، وزلزال إندونيسيا عام 2004 الذي أسفر عن مصرع نحو 230 ألف شخص بسبب التسونامي الذي أعقبه.
الدول المهددة في الحزام الألبي
تُعد تركيا والهند وكازاخستان من أكثر الدول عرضة للزلازل ضمن هذا الحزام، إضافة إلى دول جنوب أوروبا مثل اليونان وإيطاليا، ودول الشرق الأوسط مثل سوريا ولبنان، فضلًا عن دول شمال إفريقيا المطلة على البحر المتوسط، مما يجعل هذه المناطق بحاجة إلى استعدادات دائمة لمواجهة الكوارث الزلزالية المحتملة.
الحزام الأطلسي.. زلازل أعماق المحيطات
يمثل الحزام الأطلسي المنطقة الثالثة النشطة زلزاليًا، ويقع في أعماق المحيط الأطلسي، حيث تلتقي الصفائح القارية بعيدًا عن المناطق المأهولة بالسكان.
وتُعتبر الزلازل في هذا الحزام أقل تدميرًا، حيث تمثل 3% فقط من الزلازل الكبيرة في العالم.
ورغم هدوء هذا الحزام نسبيًا، فإن بعض المناطق مثل آيسلندا قد شهدت زلازل قوية، وصلت قوتها إلى 7 درجات على مقياس ريختر.
هل يمكن التنبؤ بالزلازل؟
لا يزال العلماء عاجزين حتى الآن عن التنبؤ الدقيق بموعد ومكان حدوث الزلازل، رغم التقدّم الكبير في التكنولوجيا الجيولوجية وأجهزة الرصد.
فحركة الصفائح التكتونية تستمر بهدوء على مدى سنوات، حتى تصل لحظة الانفجار دون سابق إنذار.
لذلك تظل الاستعدادات الوقائية وتطبيق معايير البناء المقاوم للزلازل، من أهم وسائل التخفيف من آثار هذه الكوارث.