جهود عربية وإقَليمية يسجلها التاريخ

حدود الرابع من يونيو 1967.. مفتاح إقامة الدولة الفلسطينية وجهود إحياء عملية سلام شامل

تقارير وحوارات

الجهود الإقليمية
الجهود الإقليمية والدولية في محاولة لإحياء عملية سلام

تمثل حدود الرابع من يونيو 1967 نقطة محورية في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إذ تُعد الأساس القانوني والسياسي الذي تنطلق منه كل المبادرات الدولية الرامية إلى تحقيق حل الدولتين. وتتمثل هذه الحدود في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، التي احتلتها إسرائيل خلال حرب الأيام الستة، والتي أصبحت لاحقًا تمثل النسبة المتبقية من فلسطين التاريخية، أي 22% فقط من مساحتها الأصلية. ورغم مرور عقود على هذا الاحتلال، فإن المجتمع الدولي لا يزال يرى في هذه المناطق أساسًا معتمدًا لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، بما يضمن استعادة حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.

جهود إقليمية ودولية من أجل  إحياء عملية السلام

في السياق ذاته، تتجدد الجهود الإقليمية والدولية في محاولة لإحياء عملية سلام عادلة وشاملة، تقوم على قرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام، وهو ما تؤكد عليه مصر دومًا في تحركاتها السياسية، كما ظهر جليًا خلال جولات الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة في قطر والكويت. هذه التحركات التي لاقت إشادات واسعة من مختلف القوى السياسية في مصر والمنطقة، تسعى إلى توحيد الصف العربي وتكريس الدعم الشعبي والرسمي لقضية فلسطين، وفتح أفق سياسي حقيقي يؤدي إلى تسوية نهائية تُنهي الاحتلال وتحقق تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.


حدود الرابع من يونيو 1967.. معادلة الصراع ومحور الحلول


تشكل حدود 4 يونيو 1967 نقطة مرجعية قانونية وسياسية في أي حديث عن تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ليس فقط باعتبارها الحد الفاصل بين الأراضي المحتلة وغير المحتلة آنذاك، بل لأنها أصبحت تمثل "الحد الأدنى" الذي يقبله الفلسطينيون لإقامة دولتهم. فرغم أن إسرائيل احتلت في عام 1948 نحو 78% من أرض فلسطين التاريخية، فإن ما تبقى بعد حرب الأيام الستة لم يشكّل سوى 22% فقط، وهي الضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس الشرقية. ومنذ ذلك الحين، تحوّلت هذه الرقعة المحدودة إلى محور المطالبة الفلسطينية، بل وأصبحت أساسًا للجهود الدولية، بما فيها مبادرة السلام العربية ومقررات الأمم المتحدة، وعلى رأسها القرار 242.

الجهود الدولية والإقليمية لإحياء العملية السياسية

أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال لقاءاته في المنطقة، ضرورة إيجاد أفق سياسي يؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال لقاءاته في المنطقة، ضرورة إيجاد أفق سياسي يؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية


رغم تعثر مسار المفاوضات، فإن هناك جهودًا متواصلة لإعادة إطلاق عملية سلام شاملة تقوم على حدود 1967. وتأتي هذه الجهود من أطراف متعددة، أبرزها الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى دول عربية فاعلة مثل مصر والأردن والسعودية. وتبدي القاهرة حرصًا واضحًا على تحريك المياه الراكدة في الملف الفلسطيني، إذ أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال لقاءاته في المنطقة، ضرورة إيجاد أفق سياسي يؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية، باعتبار ذلك شرطًا أساسيًا لتحقيق الاستقرار الإقليمي، ومنع الانفجار المتكرر للوضع في غزة والضفة الغربية. وقد حظيت هذه التحركات بتأييد رسمي وشعبي واسع، واعتُبرت خطوة استراتيجية تعزز وحدة الصف العربي.

من اتفاق الهدنة إلى الخط الأخطر في الصراع

لقد تشكل ما يُعرف اليوم بخط الرابع من يونيو 1967 نتيجة تطورات طويلة، بدأت منذ اتفاقيات الهدنة عام 1949 عقب حرب النكبة. غير أن غياب اتفاق سلام نهائي، ووجود مناطق رمادية غير محددة السيادة، خصوصًا في مناطق مثل الجولان والحولة، أدى إلى احتكاكات مستمرة بين الجيوش العربية والقوات الإسرائيلية. وسعت إسرائيل إلى فرض واقع جديد، سواء عبر مشاريع مثل تجفيف مستنقع الحولة، أو من خلال التوسع الاستيطاني والعدوان المتكرر. كل هذه التوترات مهّدت الطريق لحرب يونيو، التي لم تُسفر فقط عن احتلال أراضٍ جديدة، بل رسمت حدودًا سياسية ما زالت تهيمن على المشهد حتى يومنا هذا، وتُعد مفتاحًا لأي تسوية مستقبلية.

فرصة تاريخية لإنقاذ حل الدولتين
رغم ما يشهده الواقع من تحديات كبرى، كاستمرار الاستيطان، وانقسام الساحة الفلسطينية، ورفض إسرائيل الاعتراف الكامل بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم، فإن العودة إلى مفاوضات جادة على أساس حدود 1967 لا تزال تمثل أملًا متبقيًا لإنقاذ حل الدولتين. ويجمع المؤيدون لهذا التوجه على أن قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو، وعاصمتها القدس الشرقية، لا يصب في مصلحة الفلسطينيين فقط، بل هو شرط ضروري لحماية أمن واستقرار الشرق الأوسط ككل. وإذا لم تُترجم هذه القناعة إلى خطوات عملية مدعومة بضمانات دولية، فقد يصبح حلم الدولة الفلسطينية أبعد من أي وقت مضى، ويتحول الصراع إلى فوضى دائمة تهدد الجميع.

الموقف الإسرائيلي 

دومًا ما يشهد الوضع موقفًا متعنتًا من دولة الاحتلال، في وضع المويد من العراقيل، أو التنصُّل من اي مسؤوليات يمكن أن تفرض عليها التزاما أو شروطًا، متذرعة بالحماية الأمريكية وبعض الحماية الظأوروبية التي تُفسح لها مجالًا لمزيد من مطَّ الأمور؛ لتبقى الأوضاع كما هي عليه. 
مؤخِّرًا، تسلمت حماس مقترحًا من الجانب الإسرائيلي، يتضمن هدنة مؤقتة مدتها 45 يومًا، يتم خلالها الإفراج عن 10 رهائن إسرائيليين مقابل مئات المعتقلين الفلسطينيين. ويهدف هذا الإطار إلى فتح الباب أمام مفاوضات قد تؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار، لكنه في الوقت ذاته يتضمن شروطًا شديدة الحساسية، أبرزها نزع سلاح حركة المقاومة داخل غزة، وهو مطلب ما دام وصفته الحركة بأنه "خط أحمر" غير قابل للنقاش.