خبراء يجيبون لـ "الفجر".. ما أهمية زيارة الرئيس السيسي الخليجية؟

تقارير وحوارات

الرئيس عبدالفتاح
الرئيس عبدالفتاح السيسي - الفجر

 

في ظل متغيرات إقليمية متسارعة وتحديات سياسية وأمنية واقتصادية متنامية، تأتي جولة الرئيس عبد الفتاح السيسي الخليجية، التي تشمل دولتي قطر والكويت، لتعكس رؤية مصر الثابتة تجاه دعم الاستقرار الإقليمي وتعزيز التعاون العربي المشترك.

وتمثل هذه الزيارة تحركًا دبلوماسيًا فاعلًا يحمل في طياته رسائل استراتيجية تتعلق بالأمن القومي العربي، والقضية الفلسطينية، وتوسيع مجالات الشراكة الاقتصادية مع دول الخليج، في إطار دور مصري محوري يعكس التزامًا راسخًا بثوابت السياسة الخارجية المصرية.

 


الشراكة الاستراتيجية وتعزيز الأمن الإقليمي

قال الباحث في العلاقات الدولية بهاء الدين عياد إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى دولة قطر تأتي في سياق تعزيز الاستقرار الإقليمي والتعاون العربي المشترك، لا سيما على المستويين الاستراتيجي والاقتصادي، خاصة أنها تأتي ضمن جولة خليجية تشمل دولة الكويت أيضًا، مما يؤكد التزام مصر بأمن واستقرار الأشقاء في دول الخليج العربية، وهو مبدأ ومحدد أساسي في السياسة الخارجية المصرية وتحركات القاهرة النشطة في الدائرة العربية منذ أكثر من عشر سنوات.

أضاف «عياد» في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن القضية الفلسطينية، بوصفها القضية المركزية للعالم العربي، تفرض نفسها على جدول أعمال الزيارة، ولا سيما في ضوء دور مصر وقطر كوسيطين في جهود إنهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والسعي نحو التهدئة ووقف شامل لإطلاق النار، خصوصًا في ظل المساعي الحالية لتحقيق ذلك.

كما أشار إلى أن الزيارة الرئاسية إلى الكويت تحمل دلالات واضحة على ترسيخ العلاقات الاستراتيجية بين مصر والكويت، وتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين.

وعلى المستويين الإقليمي والدولي، رأى الباحث في العلاقات الدولية أن جولة الرئيس السيسي الخليجية تحمل رسائل قوية ومؤثرة بشأن دور مصر في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، لا سيما في ظل التصعيد المتواصل منذ بدء العدوان على غزة، إضافة إلى تأكيد حرص القاهرة على تأمين المصالح الوطنية والاستراتيجية المصرية، انطلاقًا من قناعة راسخة بأن أمن الخليج العربي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وخاصة الأمن البحري في منطقة البحر الأحمر وقناة السويس.

 

 

زيارة الرئيس السيسي إلى قطر خطوة استراتيجية لتعزيز العلاقات الاقتصادية


أكد الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد الدولي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى قطر اليوم تمثل دفعة قوية لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، مشيرًا إلى أن الزيارة تحمل طابعًا استراتيجيًا في ظل ما يشهده العالم من تحديات اقتصادية متلاحقة.

أضاف «الإدريسي» في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن الاستثمارات القطرية في السوق المصري شهدت نموًا واضحًا خلال العامين الماضيين، حيث تخطت حاجز الـ5 مليارات دولار، مع توقعات بزيادتها إلى 7 مليارات دولار بحلول عام 2026. وتتركز هذه الاستثمارات في قطاعات حيوية مثل الطاقة والعقارات والسياحة، مع خطط للتوسع في مجالات الصناعة والبنية التحتية خلال المرحلة المقبلة.

وأشار إلى أن حجم التبادل التجاري بين مصر وقطر ارتفع ليصل إلى نحو 1.2 مليار دولار في عام 2024، مقارنة بـ890 مليون دولار في 2022، ما يعكس تحسنًا ملحوظًا في العلاقات الاقتصادية والتجارية، ويؤكد على متانة الروابط بين البلدين.

أوضح الإدريسي أن السوق المصري يُعد من أبرز الوجهات الجاذبة للاستثمارات القطرية، نظرًا لحجمه الكبير الذي يتجاوز 100 مليون مستهلك، إلى جانب البنية التحتية الحديثة والإصلاحات الاقتصادية التي أسهمت في تحسين مناخ الاستثمار.

واختتم الخبير الاقتصادي تصريحاته بالتأكيد على أن زيارة الرئيس السيسي إلى الدوحة تمثل نقطة انطلاق جديدة لتعزيز التعاون الاقتصادي، وتفتح المجال أمام المزيد من الشراكات في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية الراهنة والتطورات الجيوسياسية في المنطقة.

 

زيارة السيسي لقطر... مغزى استراتيجي ورسائل متعددة


وفي سياق آخر يرى طلعت طه، المتخصص في الشؤون الدولية، أن زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى دولة قطر تحمل مغزى سياسيًا حاضرًا ومهمًا للغاية، خصوصًا في ظل تصاعد الجهود الدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وأضاف طه في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن مصر تسعى بكل جدية لإغلاق ملف التصعيد العسكري في غزة، مشيرًا إلى أن القاهرة التي لطالما كانت حاضرة في كل المحطات المفصلية المرتبطة بالقضية الفلسطينية، باتت ترى أن التوصل إلى هدنة – حتى وإن كانت مؤقتة – قد يكون بداية لمرحلة أوسع تشمل إعمار القطاع وإعادة الاستقرار إليه.

وأكمل أن مصر أغلقت بشكل واضح كل الأبواب أمام أي سيناريو للتهجير القسري للفلسطينيين من غزة، سواء تحت مسمى الطوعية أو بالإكراه، مؤكداً أن هذا الموقف "ثابت وغير قابل للمساومة".

وعن دور قطر، قال طه إن الدوحة تُعد شريكاً أساسياً في الوساطة، خاصةً لكون حماس تحتفظ بمكتبها السياسي في قطر، ما يجعل اللقاءات والمشاورات أكثر فاعلية وسرعة. وأشار إلى أن زيارة السيسي إلى قطر ليست بهدف الإقناع فحسب، بل لإنهاء هذه الأزمة بشكل كامل، عبر التنسيق مع الأطراف المؤثرة، سواء قطر أو الولايات المتحدة.

وفي السياق ذاته، لفت طه إلى أن هناك مؤشرات واضحة على اقتراب التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار خلال الأيام المقبلة، خصوصاً مع وجود ضغوط أمريكية متزايدة، كاشفًا عن أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مهلة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع لإنهاء العمليات العسكرية.

واختتم المتخصص في الشؤون السياسية تعليقه بالتأكيد على أن حركة حماس أبدت مرونة ملحوظة تجاه مقترح وقف إطلاق النار الدائم، وهو ما يعكس جدية من كافة الأطراف لإنهاء الأزمة الحالية.