ترامب يشعل فتيل الحرب التجارية: تصعيد جمركي يربك العالم وردود متباينة من الشركاء الدوليين

في خطوة تؤذن بتصعيد غير مسبوق في الحرب التجارية العالمية، أعلن البيت الأبيض، الثلاثاء، بدء تنفيذ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة تصل إلى 104% على الواردات الصينية، وذلك اعتبارًا من صباح الأربعاء. هذه الخطوة تمثل تصعيدًا إضافيًا لسياسات ترامب الاقتصادية بعد أن هدد سابقًا بزيادة الرسوم إلى 54%، مع التلويح بـ50 نقطة إضافية في حال ردت بكين، وهو ما حدث فعليًا بعدما أعلنت الصين فرض رسوم انتقامية بنسبة 34% على السلع الأميركية، تبدأ الخميس.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن أكثر من 70 دولة فتحت قنوات تواصل مع واشنطن سعيًا للتفاوض بشأن تخفيف آثار السياسات الجمركية الجديدة. ولفتت إلى أن إدارة ترامب مستعدة لعقد اتفاقيات "مصممة خصيصًا" لكل دولة، بشرط أن تصب في مصلحة الاقتصاد الأميركي وتقلص العجز التجاري.
ميلوني وماكرون يدخلان على خط الأزمة
رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني كشفت عن زيارة مرتقبة إلى واشنطن لبحث الرسوم الجديدة مع ترامب، ووصفت القرار الأميركي بأنه "خطأ"، محذّرة في الوقت نفسه من أن الرد الأوروبي قد يشعل حربًا تجارية شاملة. وكانت إيطاليا ثالث أكبر مصدر للسلع إلى الولايات المتحدة في الاتحاد الأوروبي العام الماضي.
من جهته، أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارة للعريش المصرية، عن أمله في تراجع ترامب عن قراره، وقال: "هدفنا هو تجنّب التصعيد، لكننا لن نقف مكتوفي الأيدي"، داعيًا إلى "الاستعداد للرد" إذا لزم الأمر.
الاتحاد الأوروبي يتأهب لرد انتقامي
رد الاتحاد الأوروبي لم يتأخر، إذ أعلن عن أول حزمة من الإجراءات المضادة تشمل رسومًا على واردات الصلب والألمنيوم، بالإضافة إلى ضريبة نسبتها 20% على معظم السلع الأميركية الأخرى، مع إمكانية إقرار رسوم جديدة هذا الأسبوع. كما قدّم التكتل مقترحًا أميركيًا يقضي برسوم "صفر مقابل صفر" في محاولة لتهدئة الوضع.
ردود متفاوتة من الشركاء التجاريين
فيما يلي أبرز ردود أفعال كبرى الشركاء التجاريين للولايات المتحدة:
الصين: ردت برسوم 34%، وقيود على تصدير المعادن النادرة، وأدرجت 11 شركة أميركية على قائمة "الكيانات غير الموثوق بها".
كندا: فرضت رسومًا بـ25% على واردات أميركية تفوق 30 مليار دولار كندي، وضرائب جديدة على السيارات الأميركية.
المكسيك: استثنيت من الرسوم العامة لكنها ما زالت تواجه قيودًا على بعض المنتجات.
اليابان وكوريا الجنوبية: اختارتا طريق التفاوض دون ردود انتقامية فورية، مع إرسال فرق للتفاوض.
تايوان وفيتنام: عرضتا امتيازات تجارية على واشنطن، وسط سعي لتفادي التصعيد.
الهند والبرازيل: أكدت الهند رغبتها في التفاوض، فيما أقر البرلمان البرازيلي قانونًا يسمح برد تجاري مضاد.
بريطانيا: تسعى لعقد صفقة جديدة مع واشنطن، مع تقييم داخلي لإمكانية الرد.
فرنسا وألمانيا: تدعوان لرد أوروبي موحد، مع بحث تعزيز التحالفات التجارية العالمية.
هولندا وأيرلندا: حذرتا من التصعيد، مع دعوات للرد الهادئ المتزن.
الأسواق العالمية تدفع الثمن
وفي مؤشر على القلق المتصاعد، واصلت الأسواق العالمية اضطرابها، مع خسائر قدرت بأكثر من 10 تريليونات دولار في وول ستريت منذ بدء التصعيد الجمركي، وسط تراجع في أسهم كبرى الشركات الأميركية والأوروبية، خاصة تلك المعتمدة على التصدير.
ويرى مراقبون أن قرار ترامب، رغم شعبيته بين قاعدته الانتخابية، قد يدفع الاقتصاد العالمي نحو موجة من الركود والاضطرابات التجارية التي لم يشهدها منذ عقود، ما لم تنجح جهود الوساطة الدولية في احتواء التوتر المتصاعد.